: آخر تحديث

لا جدوى من النصائح الجيدة

3
0
2

سهوب بغدادي

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الدِّين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

إنّ النصيحة إذا أتت في الوقت والموضع المناسبين فقد لا تقدر بثمن، إلا أنّ البعض يرى أنه بمجرد إقدامه على نصحك فيتحتم عليك أن تأخذ برأيه، وإن كان لا يناسب وضعك وحالتك وظروفك، فكل شخص يشق سبيله الفريد والمختلف عن غيره من الأشخاص وإن بدى الغلاف الخارجي متشابهًا إلى حدٍ كبير، فالباطن يؤثر على القرارات والدوافع والانفعالات النفسية، وما إلى ذلك، بلا شك، إنّ المشكلة التي تراها وتطفو على السطح ليست إلا نِتاج تراكيب معقدة من المعطيات، ومع كل مُعطى تتفرع الاحتمالات الملائمة وتداعياتها، لذا نرى أنّ أغلب كتب تطوير الذات والنصائح التطويرية في مختلف المجالات قد لا تؤتي ثمارها على الوجه المأمول، باعتبار أنّ هناك تحديات دفينة آلت لما وصل إليه الحال الآني، مما يحتم على الناصح أن يأخذها بعين الاعتبار، ففي أغلب كتب ومحاضرات والدورات التطويرية يلقون الضوء على المنتج النهائي لا المراحل والأسس التي أدت إلى ذلك المنتج البهي.

لنقل على سبيل المثال إنّ الإنسان كالبيت بأعمدة وأسس، وجدران، وسقف ونوافذ، قد يكون البيت قائماً على أسس ركيكة أو مائلة أو آيلة للسقوط، وما يقدمه الناصح أو المطورون يكمن في المرحلة النهائية من التشطيبات، في حال لم تكن مخصصة للشخص بالتوقف على حالته، فهل يقوم الشخص بهد المنزل دفعة واحدة لكي يتمكن من الحصول على ذات الناتج، أم يعمل على فحص وتحري مواضع الخلل والضعف وترميم ما صلح منها وإعادة بناء التالف وغير المجدي منها؟ هكذا، حتى يقوم البيت ويغدو بالشكل السليم من الداخل والخارج، فبعض الأعمال تكون خارجية والكثير منها يجري داخليًا بمعزل عن أعين الخلق، فأنت وحدك تعي مدى فداحة الأمر وتداعياته، إلا في حال قرب الناصح منك وارتقائه لمنزلة الخليل، وعلمه المسبق بما مررت به آنفًا وما تمر به الآن، فيكون بمثابة المرآة التي تعكس توجهاتك وتقوم عثراتك، ويا لحظ من وجد في الحياة مرآةً له، تهدي له عيوبه بطريقة لطيفة، وتقدم له النصح والمساندة وقت الحاجة.

لا تبذلنَّ نصيحةً إلا لمن

تلقى لبذل النصح منه قبولا

فالنصح إن وجَد القبول فضيلةٌ

ويكونُ إن عدِم القبول فُضولا

- ابن الحاج البلفيقي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد