بالتزامن مع إعلان تفاصيل رؤية 2030 في العام 2016، أطلقت المملكة وعوداً كثيرة، من بينها بناء اقتصاد قوي، يرتكز على قطاعات استثمارية مستدامة، تنمو وتتطور بحجم الجهد المبذول فيها، وتساهم في تنويع مصادر الدخل، وتقلل من درجة الاعتماد على دخل النفط، ولم يمر وقت طويل، إلا وأصبح الاقتصاد الوطني نموذجاً عالمياً يُحتذى به للاقتصاد الواعد، الذي يحقق اليوم تطلعات القيادة الرشيدة، والشعب السعودي في أن تكون المملكة في مقدمة بلدان العالم تطوراً وازدهاراً ونماءً.
وفي إطار الجهود الرسمية لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، قامت الرؤية بحزمة إصلاحات شاملة في الهيكلة الاقتصادية للمملكة، ما ساعد في تمكين قطاعات استثمارية عدة، لم تنل نصيبها من الاهتمام في فترة ما قبل الرؤية، مثل: السياحة والترفيه والتقنيات المتقدمة، الأمر الذي جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية بوتيرة مُتصاعدة عاماً بعد آخر، وصولاً إلى الربع الثاني من العام الجاري (2025) الذي شهد تدفق استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 22.8 مليار ريال، بارتفاع بلغت نسبته 14.5 في المئة، مقارنة بالتدفقات المماثلة في الربع نفسه من العام الماضي (2024).
وتعكس هذه الإحصاءات جاذبية البيئة الاستثمارية في المملكة، واستمرار تطورها في إطار تحقيق مستهدفات رؤية 2030، الرامية إلى تنويع مصادر الدخل، ورفع مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في الناتج المحلي الإجمالي، وما كان لهذا المشهد أن يتحقق بهذه الصورة المبشرة، لولا ثقة المستثمر الأجنبي في أسواق المملكة، خاصة بعد تعديل الأنظمة والتشريعات المُشجعة على زيادة الاستثمارات الأجنبية، وتسهيل دخول الشركات الناشئة العالمية للسوق السعودي، وتوفير بيئة تنظيمية مرنة، تُسهم في دعم الابتكار، فضلاً عن المبادرات الحكومية الكثيرة التي نجحت في تسهيل ممارسة الأعمال، وتعزيز الشراكات الدولية، وتوفير الفرص الاستثمارية للقطاعات الواعدة في المملكة.
وإذا كانت الفعاليات والمؤتمرات الدولية الكبرى التي تحتضنها المملكة بحرفية عالية، تساهم في جذب الشركات العالمية إلى المملكة، فهي تستهدف أيضاً جذب روّاد الأعمال من مختلف الدول، من خلال تسليط الضوء على جاذبية البيئة الريادية في المملكة، والكشف عن الفرص الاستثمارية التي تحفل بها مناطق البلاد، وهو ما عزز من تنامي الاستثمارات الأجنبية، وجني ثمار هذا التنامي، ممثلاً في جلب الشركات الأجنبية للتقنيات الحديثة، وتوفير فرص العمل للمواطن، بعد تدريبه على استخدام هذه التقنيات، الأمر الذي يؤسس لأجيال من رواد الأعمال السعوديين القادرين على الارتقاء بالوطن.