: آخر تحديث

«وان ما خدتو عالروشة بالبيت بيعمل دوشة»!

3
3
2

الروشة، على كورنيش بيروت المُسمّى باسمها، علامة فريدة من علامات بيروت، جغرافياً وتاريخياً وسياحياً... والآن سياسياً.

صخرتان، كبرى وصغرى، قبالة شاطئ بيروت، الكبرى تحتها نفق جميل، وهما ما يُطلق عليه الروشة، وحسب الكاتب عبد الحليم محمود في تتبّع لطيفٍ على منصّة «المناطق اللبنانية»، فإن الاسم مُستمدٌّ من المعنى الفرنسيّ لكلمة صخرة، وهو «لا روش».

ويرى أنّ هذا الجذر هو الأصحّ بين الترجيحات الأخرى التي تتناول منحى آراميّاً للكلمة هو «روش» ويعني «رأس». وتسمّى كذلك «صخرة الحمام»، كونها مأوى مريحاً، ومحطّةً آمنة للطيور، ناهيك عن تسميات أخرى... حسب محمود.

ندعُ التاريخ الفرنسي والآراميّ منه، وننظر إلى واقع بيروت اليوم، ومعركة «ذات الروشة» التي أطلقها «حزب الله» اللبناني وأنصاره.

أراد «حزب الله» وجمهوره الاحتفال على صخرة الروشة بمناسبة الذكرى الأولى لاغتيال الأمين التاريخي للحزب الأصفر، حسن نصر الله، وقتل قريبه وخليفته المُنتظر، هاشم صفيّ الدين، وصفوة القادة للحزب، وقتل وجرح آلافٍ من أعضاء وجمهور الحزب، على يد إسرائيل، بين قصف بقنابل مهولة، أو هجمات «البيجر» الشهيرة.

رفضت الحكومة اللبنانية استغلال صخرة الروشة من طرف الحزب، من خلال عكس صور نصر الله وصفيّ الدين على الصخرة، وتمسّك رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، بقراره «منع استعمال الأماكن الأثرية والسياحية من دون ترخيص مُسبق».

يقول أنصار الحزب إنهم جلبوا الموافقات الحكومية المطلوبة، ثم احتفلوا بعكس صور حسن وهاشم، وعلى الكورنيش انطلقت الزمامير، وأشعّة الليزر.

رفضت شريحة واسعة وضع صور حزبية على هذا المعلم القديم في بيروت، ودخل نواب على خط السجال أيضاً، معلنين رفضهم لتحرك «حزب الله».

بينما اعتبر «حزب الله» وأنصاره أن صخرة الروشة من حقّهم وهي صخرة مقاومة، وبالغوا في الاحتفال من أجل تحقيق النصر العظيم على الخصوم!

هذا التضاؤل في حصد الانتصارات من «النصر الإلهي» الشهير، و«حيفا وما بعد حيفا»، ليكون النصر، رسم صورة بالليزر على حجارة صمّاء، يكشف عن الفقر الشديد في بورصة الانتصارات العسكرية.

هذا التضخيم للرمزية المعنوية لصورة صخرة الروشة، يعني أن هناك فائضَ غضب، على طريقة «فائض قوة» لدى الحزب وأنصاره، يبحث عن تصريفه عبر قنوات داخلية، وهنا الخطر الحقيقي.

يجب على العقلاء لدى اللبنانيين، من المتعاطفين مع الحزب قبل غيرهم، المسارعة لتبديد فائض الغضب هذا، وتنقية الصدور من هذا البخار السامّ، الذي سيضرُّ أهالي الضاحية والجنوب والبقاع، قبل غيرهم. والذهاب إلى حضن الوطن، ومرفأ الدولة.

أمّا الروشة، فدعوها بمعناه اللطيف، تزورها الجميلة البيروتية: «نزلت ع الروشة العصرية تتسلّى»، كما تغنّى فارس كرم، ولا يصير الحال كما قالت أغنية لبنانية شعبية قديمة: «وان ما خدتو عالروشة، بالبيت بيعمل دوشة». كما غنّت، هدى روحانا، منتصف السبعينات!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد