سوف يكون نيكولا ساركوزي أول رئيس فرنسي سابق يدخل السجن. منذ عام 2007، وفرنسا غارقة في جدل القضية. وهي أن ساركوزي، عندما كان وزيراً للداخلية، ومرشحاً للرئاسة، تلقى من العقيد معمر القذافي 50 مليون يورو مساهمة في معركته التي كلّفت 20 مليوناً (2007). وردت في القضية أسماء عدد من الوزراء. وكثرت الأقاويل عندما تقدم ساركوزي الحرب على القذافي مع القوى الغربية الأخرى، وبينها أنه يريد التخلص من شهادات الليبيين المنخرطين في المسألة.
غاب الزعيم الليبي، وبقي موضوع المساعدة المالية حياً في الصحافة الفرنسية وقضائها. ومعروف أن فرنسا أول من استخدم «دولة القانون» أو «الحق». كلاهما واحد.
لا يحسد ساركوزي على الأيام والليالي التي مرّت به وبعائلته ورفاقه منذ ذلك الوقت. وأثيرت ضده عدة قضايا أخرى، واستدعي إلى التحقيق، وألزم في بعضها على وضع «إسوارة» الملاحقين التي توضع عادة للمشبوهين الكبار. وانتعشت صحافة الإثارة في فرنسا على التسريبات والسباقات. وانقسم الرأي العام بين ثأري وبين مشكك في نوايا القضاء ونزاهته. وفي مجتمع ملوث «بالسوشيال ميديا» أقحمت ابنة ساركوزي البالغة 13 عاماً في صخب الصغائر والمخيلات المريضة.
يحاول ساركوزي أن يبدو وكأنه ضحية في مؤامرة سياسية كبرى، ويعلن استعداده لدخول السجن، برغم استئنافه الحكم. ولعله يأمل، على الطريقة الفرنسية، بشيء من محاكمة الضابط درايفوس الذي حوكم ظلماً، وجرى تعبئة الرأي العام من أجل تبرئته. وقاد حملة التبرئة يومها الكاتب الشهير إميل زولا.
منذ نحو سنين يعيش ساركوزي حياة تشبه مسلسل «الهارب» الشهير. لا مقر ولا راحة. وقد يفضّل فعلاً السجن على حياة الطريد، أو «الفار». لكن يبقى الأكثر صعوبة...
دخول التاريخ من باب طلب المساعدة من القذافي، كي يصبح رئيساً على فرنسا. أو من سواه.