: آخر تحديث

السودان كما إسرائيل

3
2
2

خالد بن حمد المالك

ما يجري في السودان محاكاة لما هو قائم في قطاع غزة، حرب هنا وحرب هناك، تشابه في كل شيء، لا توجد اختلافات كثيرة، وفقاً لما نراه، وإن وجدت فهي في أضيق الحدود، ولدوافع مرفوضة في إسرائيل والسودان.

* *

فإسرائيل تقود حرب إبادة في قطاع غزة، وهو ما يجري في أجزاء من السودان، إسرائيل لا تريد إيقاف الحرب ما لم تقض على الفلسطينيين وتهجِّر من يبقون أحياء، وكذلك يفعل السودانيون فكل طرف لا نيَّة لديه لإيقاف القتال دون نصر يحققه، على حساب التهجير والقتل، إسرائيل -وهذا ضمن الاختلاف- تريد ضم القطاع إلى كيانها، بينما حرب السودان تتجه إلى تقسيمه.

* *

في السودان هناك جرائم تُرتكب بحق الأبرياء، وهكذا تفعل إسرائيل مع أبرياء قطاع غزة، في السودان يتقاتل الإخوة ورفاق السلاح، وفي إسرائيل يتعاضدون لقتل عدوهم الفلسطيني الذي يطالب بدولة على أرضه، وبحقوق شرعية يجب عدم حرمانه منها، في إسرائيل يعملون لصالح بقاء دولتهم ولو كان ذلك في حرب إبادة، بينما في السودان هناك مؤامرة خارجية لتفتيت السودان، ويتولى التنفيذ نفر من أبناء السودان.

* *

هناك في قطاع غزة تجويع للمواطنين، بمنع وصول الغذاء إلى السكان، وهو ما يحدث في أجزاء من السودان، حيث المجاعة، وعدم وصول الغذاء للناس في ظل حرب طاحنة تكاد لا تتوقف بين الجيش والدعم السريع.

* *

إسرائيل ترفض أي حوار، وترى أن الضغط بتصعيد الحرب، والتجويع هما ما سوف يحسمان المعركة، وهو ما يُعلن عنه طرفا الحرب في السودان، باستمرار القتال، والتصعيد بإعلان حكومة موازية تابعة للدعم السريع، في إجراء يقوِّض أي فرصة لإيجاد حلول سلمية للصراع الدائم في السودان.

* *

أمريكا تموِّل إسرائيل بالسلاح لقتل الفلسطينيين، واستمرار المعركة حتى تحويل القطاع إلى أرض غير صالحة للسكن لمن ينجون من الموت، وفي السودان هناك دول تموِّل الحرب بالسلاح حتى لا يتوقف القتال، دعماً لتمزيق السودان، وتفتيته إلى مجموعة دول على شكل كيانات تتقاتل فيما بينها.

* *

هناك وسطاء للخروج من مأزق حرب إسرائيل الوجودية للشعب الفلسطيني، وقد فشلوا في إقناع إسرائيل بالتوقف عن الحرب، وفي السودان تدخلت المملكة منذ الشرارة الأولى لبدء الحرب، وجمعت الأطراف في جدة، وتم الاتفاق، ولكن الأطراف أو بعضها لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه، فكان استمرار الحرب إلى اليوم.

* *

أتفهم عناد إسرائيل، وإصرارها على استمراريتها في عدوانها، ووحشيتها في التعامل مع الفلسطينيين، فأهدافها معروفة ومعلنة، وهي تفريغ كل فلسطين من الفلسطينيين، واحتلالها بالكامل، لكني لا أفهم كيف يقبل السودانيون أن يتقاتلوا، ويدمروا بلادهم، ويقتلوا بعضهم البعض الآخر، ويعرضوا أمن دولتهم، واستقرارها، ووحدة أراضيها للخطر.

* *

كان السودان مرجعيته لحفظ حقوق الفلسطينيين، وحماية التضامن العربي الداعم للقضية الفلسطينية كما حدث حين استضاف القمة العربية بعد هزيمة عام 1967م وأعلن في ختام المؤتمر عن اللاءات الثلاث، أما اليوم فهو أحوج ما يكون إلى المساعدة في لملمة جراحه، وإيقاف الحرب، ومنع تقسيم البلاد، وهذه مسؤولية طرفي الحرب.

* *

قاتل الله من ينزع إلى تمزيق السودان، وقتل شعبه، وإنهاكه اقتصادياً، وجعله في حالة من عدم الأمان، وتعريض مستقبله للمجهول.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد