جاءت السينما إلى المملكة بطابعها التقليدي وعشنا بدايتها بمحتوى عالمي فأبى المبدعون السعوديون إلا أن يكون لهم بصمة فتحولت صناعة السينما في المملكة إلى منافسة محلية شبابية تحمل قصص المجتمع وتجسد تفاصيل الهوية وتعرض رؤى إبداعية تعكس ملامح الثقافة المحلية.. خلال أعوام قليلة فقط برزت أسماء وأعمال فنية استطاعت أن تشد الجمهور وتكسب حضوره وتفتح أمامه نافذة على تجارب فكرية وبصرية متنوعة.. هذه الأعمال وصلت إلى مهرجانات عالمية لتقدم صورة راقية وعميقة للمشهد الثقافي السعودي تؤكد أن المملكة تمتلك طاقات قادرة على دخول السوق السينمائي بثقة.
التحول في صناعة السينما بدأ من دعم حكومي كبير شمل إنشاء بنية تحتية من دور عرض حديثة، إلى توفير برامج دعم وتمويل للشركات المنتجة وللشباب الطامحين إلى الدخول في هذا المجال.. كما أسهمت الشراكات مع منصات البث العالمية في فتح فرص إضافية أمام المواهب السعودية لتصدير قصصهم إلى جمهور أوسع.
الجمهور المحلي له دور أساسي في هذا التحول، إذ أظهر تعطشاً لمشاهدة أعمال قريبة منه تحمل له صوراً يعرفها وشخصيات تعيش في محيطه.. الإقبال الكبير على الأفلام السعودية يؤكد أن المشاهد وجد نفسه في تلك القصص وأنها عبرت عن قضاياه الاجتماعية والإنسانية.. هذه الحالة صنعت سوقاً نشطاً ودفعت شركات الإنتاج إلى زيادة استثماراتها في المشروعات المحلية، الأمر الذي انعكس على تنوع الأفلام.
المشهد السينمائي في المملكة اليوم أضحى جزءاً من اقتصاد إبداعي متنامٍ يفتح مجالات عمل جديدة ويحفز الصناعات المساندة مثل الدعاية والإعلان والتقنيات الرقمية والإنتاج الفني.. هذا التوسع يخلق منظومة متكاملة تسهم في نمو الناتج المحلي وتدعم أهداف التنمية الثقافية والاقتصادية.. ومع استمرار المهرجانات السينمائية المحلية والإقليمية، تتعزز مكانة السينما السعودية كمنصة لتبادل الخبرات واستقطاب المنتجين والموزعين من مختلف أنحاء العالم.
السينما السعودية اليوم صناعة حقيقية لها ملامح واضحة وخطط مستقبلية تمتد إلى الأعوام القادمة.. وهي اليوم تسير بخطى متسارعة نحو بناء هوية سينمائية تحمل الطابع المحلي وتفتح المجال لتعاون عالمي يعزز من حضور المملكة في المشهد الثقافي الدولي.. هذه الرحلة هي فرصة ثمينة لصناعة مواهب قادرة على رواية قصتها ومشاركة مجتمعها والعالم رؤيتها.
المؤمل في القادم أن يكون الاهتمام والاستثمار أكبر في الكتّاب وصنّاع القصة فمنها ينطلق الإبداع وتتأسس الصناعة على قاعدة متينة.. القصة هي العنصر الأول الذي يمنح الفيلم عمقه ويمنح المخرج والممثل والفنيين مساحة واسعة لإبراز مهاراتهم.