: آخر تحديث

المملكة تخفض البطالة إلى أدنى مستوى

2
2
2

كان خفض البطالة في المملكة إلى ما دون 7 % هدفًا استراتيجيًا طموحًا ضمن مستهدفات رؤية 2030. اليوم، لم يَعُد هذا الهدف مجرد حلم على الورق، بل أصبح إنجازًا متحققًا قبل موعده بست سنوات، ليضع المملكة أمام تحدٍ أكبر وطموح أعظم: الوصول بنسبة البطالة إلى 5 % فقط بحلول عام 2030، وفق توجيه سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما أعلن معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية الأستاذ أحمد الراجحي في منتدى ميزانية 2025.

الهيئة العامة للإحصاء (GASTAT) كشفت أن معدل البطالة الإجمالي -بما في ذلك السعوديون وغير السعوديين- انخفض في الربع الأول من 2025 إلى 2.8 %، وهو أدنى مستوى في تاريخ المملكة، أما بين السعوديين وحدهم، فقد بلغ المعدل 6.3 %، منخفضًا بـ 0.7 نقطة مئوية عن الربع السابق وبـ 1.3 نقطة مئوية مقارنة بالعام الماضي. هذه الأرقام لا تمثل فقط نجاحًا في سوق العمل، بل تؤكد قوة الاقتصاد وقدرته على خلق فرص وظيفية مستدامة.

التغيير الأبرز كان في مشاركة القوى العاملة، التي ارتفعت إلى 68.2 % على مستوى المملكة، فيما بلغت 51.3 % بين المواطنين السعوديين. ومن بين هذه الأرقام، يبرز إنجاز تاريخي للمرأة السعودية: وصول نسبة مشاركتها في سوق العمل إلى 36.3 %، مع انخفاض معدل بطالتها إلى 10.5 %، وهو تقدم كبير على مسار الشمول الاقتصادي وتمكين المرأة، ما يعكس التزام الدولة بأهداف التنمية المستدامة ومؤشرات المساواة في الفرص.

وراء هذه القفزة تقف جهود متكاملة من جميع القطاعات:

  • وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية نفذت 84 % من استراتيجية سوق العمل، وأطلقت برامج نوعية للتوطين القطاعي، وبرامج التدريب المنتهي بالتوظيف، ومنصات رقمية مثل "جدارة" و"طاقات" لتسهيل الربط بين الكفاءات والوظائف، كما أسهمت في خلق 300 ألف وظيفة نوعية في مجالات المحاسبة والهندسة والصيدلة وتقنية المعلومات.

  • القطاعات الحكومية وشبه الحكومية تبنت سياسات توطين عالية النسبة، وصلت في بعض القطاعات الحيوية مثل الصحة إلى أكثر من 80 %، إضافةً إلى مشروعات البنية التحتية العملاقة التي وفرت آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة.

  • القطاع الخاص عزز من قدرته الاستيعابية بتوظيف أكثر من 2.23 مليون سعودي حتى مطلع 2025، مستفيدًا من إصلاحات تشريعية وتنظيمية جعلت بيئة العمل أكثر استقرارًا وجاذبية للاستثمار.

  • الجهات غير الحكومية، وعلى رأسها صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني (TVTC)، أسهمت في تأهيل الكوادر الوطنية ببرامج متوافقة مع احتياجات السوق، ما ساعد على تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل.

هذه النتائج ليست أرقامًا جامدة، بل هي مؤشرات على تحول اقتصادي واجتماعي عميق. فخفض البطالة إلى هذه المستويات يرسل إشارة ثقة للأسواق العالمية، ويزيد من جاذبية المملكة للاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI)، خصوصًا في القطاعات غير النفطية التي تشهد نموًا قويًا مثل السياحة، الترفيه، الطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية.

وفي قراءة أعمق، فإن هذا النجاح يعزز قدرة المملكة على تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، ويدعم استقرار السوق المحلي، ويعكس قدرة الاقتصاد السعودي على امتصاص التحديات العالمية وتحويلها إلى فرص. كما أن تمكين المرأة وزيادة مشاركتها في سوق العمل يسهمان في رفع إنتاجية الاقتصاد وزيادة تنوعه، وهو ما يتوافق مع التوجهات العالمية لأفضل الممارسات في إدارة رأس المال البشري.

اليوم، تقف المملكة على أعتاب مرحلة جديدة؛ مرحلة تثبيت الإنجاز وتوسيعه ليشمل جميع مكونات سوق العمل، وصولًا إلى 5 % بطالة بحلول 2030.

إنها رحلة لم تنتهِ بعد، لكنها تحمل في طياتها رسالة واضحة: حين تتكامل الرؤية مع الإرادة والعمل المؤسسي، يصبح المستحيل ممكنًا، ويتحول التحدي إلى إنجاز، والإنجاز إلى منطلق نحو مستقبل أكثر إشراقًا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد