في يوم من أيام الدراسة نسيت أن أكتب اسمي على ورقة الامتحان، لكن معلمتي قد عرفتني من خطّي لأنه مميّز -على حد تعبيرها- واليوم سأتعمّد أن لا أكتب اسمي على هذا المقال (لأمتحن) المسؤول عن مراجعة مقالاتي.
يقولون لا تثق بذاكرتك، واكتب كل شيء على الورق، ولأني إنسانة مصابة (بالزهايمر المُبكر) على ما يبدو فمن الضروري جداً أن أوثّق كل شيء، وهذا ما اعتدت عليه في جميع شؤون حياتي ما عدا (مقالاتي) مع الأسف، لم أوثّق منها أي شيء أو أحتفظ بها، فقد كنت أكتبها ثم أرميها للرياح تذروها وتلعب بها.
بالطبع هُناك فرق ما بين «الزهايمر والتزهمر» وقد تكون الأولى مُلتصقة بي ولكني أفتعل الثانية في بعض المواقف المُحرجة حتى أخرج منها بسلام.
فافتعال النسيان نعمة عظيمة، وهي تمكّن الإنسان من الاستمرار والتجاوز رغم أني قد أكون كاذبة أو مبالغة بعض الشيء لصعوبة نسيان بعض الذكريات، والأشخاص.
ولكن مع زحمة المشاغل والحياة التي نعيشها اليوم، لابد أن نُدرّب أنفسنا على أهمية النسيان كأحد أهم طرق البقاء على قيد هذه الحياة، وسوف أعرض عليكم بعضاً من فوائده لأقنعكم ببدء التدرب على ذلك حتى تفقدوا الذاكرة (الخايسة) إن شاء الله.
أولاً؛ عن ماذا كنت أحدثكم؟ (اللهم صلي على النبي) نعم تذكرت عن فوائد النسيان، بداية إذا كنت رجلاً (ملو هدومك) سيساعدك (التزهمر) أو افتعال النسيان على نسيان كم امرأة رفضتك في حياتك، واعرضت عنك وأعطتك (مقفاها) ومشت غير مهتمة لأمرك، وهذا يعني أن تمضي قُدماً في حياتك وتسعى للارتباط بأخرى (تعطيك وجه) !
وأما إذا كنتِ امرأة فستخرجين اليوم من بيتك بثقة وأناقة، لأنكِ ببساطة تدركين أنكِ كيان مستقل، كامل القيمة والقدرة، وأن المجتمع يحتاجك بقدر ما تحتاجينه.
ستعملين، وتبدعين، وتنجحين، دون أن يحدكِ أحد أو يقلل من شأنك. فأنتِ شريكة في الحِلم، رفيقة في الطريق، وصانعة لواقع أجمل يليق بكِ وبأجيال الغد.
أيضاً عليكم التدرب على نسيان الأكل، فالدراسات قد أكدت أن تناول الطعام هو السبب الرئيسي لزيادة الوزن (احلفي؟)، وبالتالي فإن نسيانك بأن تأكل يا عزيزي (المشفوح) سيساهم حتماً في تحقيق حلمك الأزلي بخسارة وزنك، هذا إلى جانب اقتصادك وتوفيرك للكثير من المال.
وبما أننا قد تطرّقنا إلى المال، فلا مانع من أن تنسى قليلاً الديون المُتراكمة عليك، لتنعم بلحظات قصيرة من الهدوء وراحة البال، ثم تعود إلى رشدك قبل أن يتصل بك كل الديّانين لتدفع لهم مستحقاتهم قبل أن تذهب في (خِرخِر).
والآن ماذا كانت الفائدة الأخيرة التي أردت أن أقولها لكم؟
صدقوني عندما كتبت هذا المقال كان لدي عشرة أسباب لكني قد نسيت نصفها، وكما ترون هذه فائدة أخرى مهمة للنسيان.
فلا أحد يدري ما كنت سوف أكتب و(أهبّب)، ربما كتبت فائدة غير فائدة، أو حرضتكم على أمر لا يحمد عُقباه، أو لعبت بعقولكم بأفكار صبيانية، أو شتمت أحداً وجلس لي بالمرصاد !
لذا الحمد لله أنني قد نسيت، وأقول كما قال صديقي العندليب: لو أني أعرف خاتمتي ما كنت، (كتبت).