في التقرير السنوي لصندوق الاستثمارات العامة للعام 2024 لفت انتباهي موضوع «الاستثمار في العقول والعلاقات والتقنيات»، حيث جاءت الأرقام مشيرة إلى حجم الإنجاز في برامج واستقطاب المواهب والعقول السعودية الوطنية التنموية وتأهيلها نحو تحقيق العالمية في المستوى والأداء.
اليوم وفي عالم متسارع التغير، لم يعد الاستثمار مقتصراً على الموارد المادية أو البنية التحتية فحسب، بل بات توجيه الجهود نحو العقول والعلاقات والتقنيات المتقدمة أحد أكثر المسارات تأثيرًا واستدامة. ويبرز هذا التوجه في رؤية الصناديق السيادية الطموحة، التي تعي أن التميز الحقيقي لا يتحقق إلا ببناء الإنسان وتمكينه معرفيًا وتقنيًا، وتعزيز الشراكات التي توسّع الأثر وتخلق فرصًا نوعية.
يعكس الاستثمار في العقول إدراكًا عميقًا بأن رأس المال البشري هو المحرّك الأهم لأي نهضة تنموية. فبناء القدرات الوطنية، وتأهيل الكفاءات، وتبني الابتكار، كلها مكوّنات أساسية لصناعة اقتصاد معرفي قادر على المنافسة عالميًا. أما العلاقات، فتمثل ركيزة إستراتيجية في بناء شبكة من الشراكات الدولية والمحلية التي تعزز نقل الخبرات وتفتح آفاقًا جديدة أمام التنمية.
وعلى الجانب التقني، فإن التوسع في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية يسهم في تحسين الأداء، ورفع كفاءة القطاعات، وتحقيق مستويات غير مسبوقة من النمو المستدام. ويكمن التميّز هنا في تكامل هذه الأبعاد الثلاثة: عقل مستنير، علاقات إستراتيجية، وتقنية ذكية... جميعها تخلق بيئة جاهزة لصناعة التغيير وتحقيق الأثر.
كما إن التوجّه نحو هذه النوعية من الاستثمارات لا يحقق فقط الأهداف الاقتصادية، بل يعكس أيضًا مسؤولية تنموية وثقافية، تُسهم في بناء مجتمع متماسك، واقتصاد متطور، وصورة وطنية تنافس على أعلى المستويات.
ختامًا..
الاستثمار في العقول والعلاقات والتقنيات لم يعد خيارًا، بل ضرورة لبلوغ مستقبل وطني متكامل، يستند إلى الابتكار ويقوده الإنسان، وتدعمه شراكات واعية وتقنيات واعدة.