حسين الراوي
بلا أدنى شك أن الشاب الذي ألقي القبض عليه بعد كلامه في وسائل التواصل الاجتماعي أخطأ في حق الكثيرين، لكن أيضاً وبلا شك أنه ليس إلا ضحية، وصناعة فكرية من نتاج تقسيم المجتمع في مواطنته وانتمائه والعِرق والطبقية والمذهبية وكل توجه فكري لا يثمن أهمية المقومات الأساسية لانسجام الشعب في مجتمع واحد خالٍ من الأمراض المجتمعية في وطن واحد.
(من أهم) تلك المقومات:
العدالة والمساواة في أن يُعامل جميع الأفراد سواسية أمام القانون والفُرص، لأنه يزرع الشعور بالمواطنة والانتماء.
وجود هوية وطنية جامعة، حيث لا بد أن يشعر الجميع بأنهم ينتمون إلى وطن واحد دون تمييز، وهذا الأمر يجعل الانتماء للوطن أقوى من أي انتماء فرعي (طائفي، قبلي، عِرقي).
حرية التعبير والاختلاف المحترم، فمن الضرورة أن يعبّر كل فرد عن رأيه دون خوف، لكن ضمن حدود القانون والاحترام المتبادل، حيث إن هذا الأمر يحوّل الخلاف إلى حوار بنّاء يجعل الأنفس والعقول تتقارب وتتقبل بعضها في المواطنة وإن لم تتفق.
التمثيل العادل لكل فئات المجتمع، فلابد أن تكون الفئات المختلفة في المجتمع ممثلة في مؤسسات الدولة حيث يشعر الجميع بأن لهم صوتاً ومكاناً، ما يعزز الانسجام المجتمعي.
القانون القوي والعادل، حيث من الضرورة أن تُطبّق القوانين على الجميع دون محاباة أو استثناءات، وأثر هذا يعطي الثقة للجميع بأن الدولة تحميهم وتحاسب من يسيء منهم.
الإعلام المتوازن، حيث لا يُستخدم الإعلام في تأجيج الطائفية أو العنصرية، أو إحداث خطأ إعلامي متعمد أو غير متعمد يجعل المجتمع يتعاطف مع قضايا أو أشخاص أو فئات ارتكبت جُرماً قانونياً، حيث لابد للدولة أن تستخدم خطابها الإعلامي في توجيه المجتمع نحو قيم التعايش.
في نهاية السطور، إن ما وقع به هذا الشاب غير مقبول أبداً في مجتمعنا الكويتي، ولا غيره من المجتمعات المحترمة، بل إن هذا الشاب لو وجد نفسه في زمن ووقت فيه مجتمعنا الكويتي متماسك ومترابط ولا يقلل من شأن مواطنة أي مواطن لما وقع في ذلك الخطأ المجتمعي الجسيم، وكل مجتمع فيه سلبيات، ولكن الوعي بها هو أول طريق العلاج.
حفظ الله هذا الوطن العظيم، وحفظ الله سمو أميرنا وأطال في عمره، وحفظ الله مجتمعنا الكويتي من جميع الأمراض المجتمعية.