: آخر تحديث

هجوم إيراني خطير وغير مفهوم يستهدف قطر

3
3
3

رامي الخليفة العلي

يُمثِّل الهجوم الإيراني الأخير على قاعدة العديد الجوية في دولة قطر، بصواريخ متوسطة المدى، تطوراً بالغ الخطورة والتعقيد في المشهد السياسي والعسكري للشرق الأوسط؛ لما يحمله من اعتداء صريح على سيادة دولة مستقلة ذات دور دبلوماسي معروف، فضلاً عن كونه تجاوزاً صريحاً وخطيراً للقوانين والمواثيق الدولية. لقد اختارت إيران أن ترد على الهجوم الأمريكي ضد مواقعها النووية عبر استهداف قاعدة عسكرية على أراضي قطر، وهو ما يُشكّل خطوة غير مبررة سياسياً وقانونياً، خصوصاً أن دول الخليج العربي، بما فيها قطر، قد اتخذت موقفاً واضحاً برفض استخدام أراضيها أو القواعد الموجودة فيها لأي عمليات ضد إيران، وهو ما التزمت به الولايات المتحدة بالفعل عندما نفّذت ضرباتها من قواعد خارج منطقة الخليج. هذا يجعل الفعل الإيراني غير مفهوم وغير مقبول تحت أي مبررات سياسية أو استراتيجية. إن قطر، التي دعت مراراً إلى خفض التصعيد وإلى وقف الهجمات الإسرائيلية على إيران، بل وتضامنت إعلامياً مع إيران تجد نفسها اليوم مستهدفة من الدولة التي كانت تعتقد أنها تتعامل معها وفقاً لمبادئ حسن الجوار والتعايش المشترك. إن هذا الهجوم يُمثل رسالة سلبية وخاطئة للعالم العربي وللدول المجاورة، تؤكد أن طهران مستعدة للذهاب بعيداً في تصعيد الأزمات وتجاوز قواعد الجوار التي تحكم العلاقات بين الدول، ما يهدد بشكل فعلي الاستقرار الإقليمي والأمن الجماعي في المنطقة. في هذا السياق، جاء الموقف السعودي واضحاً ومؤكداً على دعم دولة قطر في مواجهة هذا العدوان، حيث أعلنت وزارة الخارجية السعودية بشكل رسمي: أنها «تساند قطر في كل إجراءاتها تجاه عدوان إيران»، مؤكدة بذلك على موقف خليجي وعربي موحد يرفض الانتهاكات الإيرانية. وأضاف البيان السعودي تأكيداً على موقف المملكة الواضح: «تعبّر السعودية عن إدانتها واستنكارها بأشد العبارات، العدوان الذي قامت به إيران على قاعدة العديد»، وهو ما يؤكد عمق وخطورة التصعيد الإيراني، كما يعكس تضامناً عربياً واضحاً مع دولة قطر ضد هذا التهديد. وفي ظل هذا التصعيد الخطير، تبرز الحاجة الملحة لضبط النفس وعدم الانجرار نحو مزيد من التوتر، والالتزام بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وربما لاحقاً إطلاق مفاوضات جادة بين واشنطن وطهران، مع ضرورة ممارسة ضغط أمريكي فعّال على إسرائيل لوقف سياستها غير المسؤولة في منطقة الشرق الأوسط، وإلا فإن الخطر سيطال الجميع دون استثناء. مما لا شك فيه أن الهجوم الإسرائيلي الأخير ضد إيران كان بمثابة الشرارة التي أشعلت التوتر في الشرق الأوسط، لكن الرد الإيراني باستهداف الأراضي القطرية جعل المنطقة على حافة الهاوية، وهدد بتوسيع نطاق هذا التوتر ليشمل كامل المنطقة، الأمر الذي ستكون له تداعيات كارثية على الجميع. إننا في منطقة متوترة، وأي سياسات متهورة، كالتي تقوم بها إسرائيل، تُمثِّل لعباً خطيراً بالنار، وقد تؤدي إلى تدهور لا يمكن السيطرة عليه، وستكون لها عواقب وخيمة على مستقبل الأمن والاستقرار في الخليج والشرق الأوسط.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد