: آخر تحديث

الكلّ يشتكي.. فمَن يُصلِح؟

5
5
5

ليس في المجتمع الكويتي فحسب، بل في كثير من المجتمعات والدول، يزيد التذمر وانتقاد كل شيء في البلد، وما وصل إليه الحال، بعد ان كان وكان.

ما أسمعه في كثير من المجالس، وما أقرأه في بعض زوايا المقالات والتغريدات وما ينشر، لا يخرج عن نطاق الشكوى من الفساد وغلاء الحياة، سوء الخدمات، الفوضى، انهيار الذوق العام، وغياب القدوة، كلها مجتمعة ساهمت في تفاهة المشهد العام، وبالطبع لا يسلم الطقس من حفلة التذمر والشكوى.

سؤال المليون: مَنْ يُصلِح؟

غالباً ما أفاجأ بصمت من هو أمامي حين أطرح هذا السؤال، وإذا بدأ الرد، أُلقيت كل التهم على الحكومة بكل عناصرها ومكوناتها.

الحكومة ويا طلابة الحكومة، الوزير ويا طلابة الوزير، المجلس ويا طلابة المجلس، الوافدون ويا طلابة الوافدين، الحياة ويا طلابة الحياة.

نعم هناك تقصير قليل وكثير من جانب الحكومة، ولكنها تحاول وبجدية.

‏نعم هناك تقصير من بعض الوزراء، ولكنهم يحاولون، وقد يوفقون أو يُخفقون.

‏نعم قد تبدو بعض السلبيات عند الوافدين، ولكن ذلك لا يعني أننا أيضاً كمواطنين عندنا بعض السلبيات والإخفاقات والتقصير أيضاً.

‏نعم الحياة ليست وردية كل الوقت، ولكنها تحتاج منا المحاولة وبعض الجهد.

وأنت؟ أين أنت؟ أين نحن كمواطنين من كل هذا الانتقاد والشكوى؟

هل أصلحنا شيئاً؟ هل على الأقل حاولنا أو بادرنا فقط في الإصلاح؟

هل كل منا، بدوره وفي مكانه، رفض كل أنواع الفساد التي نشكو منها في مجتمعنا؟

هل رفضنا الواسطة التي تحل لنا مشكلة استمرت وقتاً طويلاً؟

هل التزمنا دورنا في طابور الانتظار، وان كنا لا نملك من الوقت إلا القليل جداً؟

‏هل فتحت يوماً نافذة سيارتك، وقمت بلفت نظر السيارة المجاورة لك، التي يُجلس سائقها طفله في حضنه، أو لم يلتزم حزام الأمان؟

هل نبهت من ألقى كيساً أو علبة سجائر من نافذته وأنت خلفه بالسيارة؟

هل نبهت العامل في البيت المجاور لك، وهو يمسك خرطوم الماء ينظف بكل كرم حاتمي حوش البيت؟

‏هل نبهت مواطناً، وهو يصرخ بصوت عال على عامل بسيط أمامه، لأنه لم يلبِّ له خدمة كما يريد؟

‏أنا لا أتكلم هنا عن المثالية، فنحن كلنا لسنا مثاليين، لكننا نملك كثيراً الفرص لنكون أفضل يوماً بعد يوم.

التغيير لا يبدأ من فوق، ولا من برلمان، ولا من قرار وزاري فقط، وأكرر فقط.

علينا أن نعي كلنا بأن التغيير يبدأ حين نقرر أولاً أن نصمت عن الشكوى قليلاً، ونتحرك لإصلاح ما يمكننا إصلاحه وفق طاقتنا وقدراتنا، وفي كل مكان نحن فيه.

‏أكاد أجزم بأن الكثير منا ينتظر أن يبدأ الآخرون، هذا إذا كان لديهم بعض الوعي، فيما يكتفي البقية بمبادرات الآخرين وعملهم للتطوير والإصلاح، ويبقون هم متفرجين مراقبين متذمرين ومنتقدين فقط.

التغيير يبدأ من كل واحد منا.. يا جماعة.

الدول.. حكومات وشعوب، لكل طرف مهام ومسؤوليات، يلتزم بها ويكون أميناً معها، ولا مانع من أن يكمل كل طرف الطرف الثاني وفق الإمكانات المتاحة، لنبني مجتمعاً محترماً.


إقبال الأحمد


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد