إذا كانت قصة وهم "الخمينية" قديمة، في إيران المكلومة، فإنها تفتح جروحاً في أوقات إحياء ذكرى "الخميني" التي عادة ما تجد فيها الديبلوماسية الإيرانية مرتعاً خصباً لتصدير أوهام "الثورة"، وممارسة الغزل مع ما يسمى "المستضعفين" في الأرض! السفير الإيراني لدى الكويت محمد توتونجي، وجد ضالته، أو بالأحرى فرصته في اجترار الوهم عن "الخمينية"، في نشر مقالة في صحيفة يومية كويتية لإحياء أو الاحتفاء بـ"الثورة"، وتبجيل وهم "الأمام الخميني... نبراس الحرية والاستقلال". قطعا، ليس لدى إيران حريات مدنية، للتباهي فيها، ولا هي دولة تفصل الدين عن الدولة، بل هي دولة دينية قمعية، شهدت جرائم الاعتقالات، والاعدامات، ووأد الحريات، كما حصل لقضية مهسا أميني، وغيرها كثر، علاوة على التدخل في شؤون الغير، ودعم الجماعات الإرهابية مثل "حزب الله"، و"الحوثي"، و"الحشد الشعبي".
ربما، تواضع معرفة السفير الإيراني محمد توتونجي بتاريخ الإرهاب في الكويت، جعله يتجاهل تفجير المقاهي الشعبية في الكويت في العام 1985، ومحاولة اغتيال الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد! نحن لم ننس تلك الأعمال الإرهابية، لكن الأطراف "الخمينية"، ربما تناست، أو ضعفت ذاكرتها، أو تعاطفت مع وهم "الثورة"، وقدمت نظرية "الولي الفقيه"! نحن لم ننس المزاعم الإيرانية عن حقل "الدرة"، لكن - كما يبدو- طوتها رياح نسيان الصحيفة الكويتية؟ ربما، تواضع الخبرات، والفطنة السياسية لدى الجهات الرسمية، باتت ظاهرة مُقلقة أو مزمنة! لم يأتِ، بالتأكيد، تخفيض مستوى تمثيل الكويت في قمة بغداد العربية اعتباطياً، أو عفوياً، أو عشوائياً، بل جاء نتيجة حتمية لعلاقة حميمة بين الحكومة العراقية، وإيران الملالي، من دون استثناء ملفي خور عبدالله، وحقل الدرة، نتيجة توغل وتغلغل إيران في مفاصل الدولة العراقية.
سطر الأخ فائق الشيخ علي في حسابه على منصة "إكس" رأيا صريحاً، بوقت شديد الأهمية عن علاقة "خور عبدالله، وحقل "الدرة"، ودور إيران الملالي خلف الملفين الحيويين، وخطط تدمير العراق الذبيح، لكن القراءة المتواضعة، حالت دون الاستيعاب! هل طوت الذاكرة السياسية، والصحافية، ما يعرف بخلية "العبدلي"، وهل سقطت عن الذاكرة تدخل السفارة الإيرانية في بيان رسمي لها بشأن التحقيقات القانونية مع الخلية الإرهابية؟ الواضح أن المعضلة في عدم تحليل الخلفيات التاريخية، والسياسية عن المآرب الديبلوماسية الإيرانية، التي حفزت السفير الإيراني محمد توتونجي على بث سموم وهم "الخمينية"، لكن تصدي الكويت الحازم للاستغلال البشع لمناخ حرية التعبير، والرأي، قد تقلب موازين النشر!
مفيد التذكير في خضوع مجمع المدارس الإيرانية في الكويت لهيمنة السفارة الإيرانية، والمناهج الدراسية التي تشحنها طهران إلى الكويت، وعلاقة ديبلوماسي إيراني في إدارة المدارس. لا أدري إذا لازال الوضع قائما! الكابوس الإيراني تبناه المدعو سمير أرشدي، وهو "أستاذ محاضر في جامعة الكويت"، ويقدم خدمات "جليلة" للسفارة الإيرانية لدى الكويت، ولديه "استبيان" حديث عن إيران يُوزّع في الكويت، وهدفه سياسي، وليس علمي، أو أكاديمي! إجابتي على سؤال سمير أرشدي، أو السفارة الإيرانية -سيان- عن "عندما تسمع اسم إيران، ما أول ما يتبادر إلى الذهن"؟ الجواب: الإرهاب، والقمع.
الواقع أن فساد العقول والضمائر، لم تعد حالة استثنائية في إفساح المجال للسفير الإيراني لدى الكويت في تمجيد "الخمينية" في صحيفة كويتية، بل أصبح واقعاً سياسياً، وسلوكا إعلامياً من شأنهما تحفيز السفارة الإيرانية على التفرغ للساحة الكويتية! نرحب بحرية التعبير، والرأي، والتعددية الفكرية، لكن هل مسطرة الحريات واحدة؟ نترك تقييم هدف مقالة السفير الإيراني لدى الكويت محمد توتونجي، وما بين سطور "استبيان" سمير أرشدي للجهات الأمنية، لعلها تخرج بتحليل واقعي، وعملي، يحافظ على مصلحة الكويت، والوحدة الوطنية.