: آخر تحديث

الصراع الإيراني الإسرائيلي ما خلف الأحداث!

3
5
3

محمد الرميحي

هنا محاولة لقراءة ما خلف الأحداث، التي تقع أمامنا في الضربات المتبادلة العسكرية بين إسرائيل وبين الجمهورية الإيرانية، والتي تضع المنطقة برمتها على كف عفريت.

سارعت دول الخليج قاطبة بإدانة الاعتداء الإسرائيلي، ودعت إلى التهدئة، والذهاب إلى المسار الدبلوماسي لحل المشكلات القائمة، وعلى رأسها تسريع التفاوض الإيراني – الأمريكي لإيجاد حلول مرضية للملفات العالقة منذ سنين.

لم يكن الاشتباك الحربي مفاجأة، فقد كانت المقدمات مكتوبة على الجدران، والحديث هنا كان عن التوقيت، وليس الفكرة بحد ذاتها، فهناك رأي راسخ لدى الدوائر الإسرائيلية بأن إيران تحضر لإنتاج سلاح نووي، وفكرة مضادة لها، حيث إن إيران تعلن لمن يريد أن يعرف بأنها ليست بصدد ذلك، ولكن المعلن شيء وربما الواقع شيء آخر، خاصة بعد ما تسرب من شبه معلومات عن برنامج عسكري إيراني.

قبل أسبوع أو يزيد، أعلنت إيران بأنها حصلت على مجموعة من الوثائق حول البرنامج النووي الإسرائيلي، وكان العالم ينتظر أن يسمع بعض التفاصيل في هذا الاختراق، الذي سمي اختراقاً لعمل استخباراتي غير مسبوق.

تبين حتى الآن، كما سرب حتى الآن، أن هذه الوثائق في الأغلب هي من إنتاج المخابرات الإسرائيلية وسربت إلى إيران، وما إن اجتمع مجموعة من العسكريين الإيرانيين مع خبراء في الطاقة النووية لفتح البرنامج الذي تم الحصول عليه، حتى أرسل هذا البرنامج إحداثيات موقعه بالضبط، فاستهدفته الطائرات الإسرائيلية الحربية، وهكذا قُتل عدد كبير من العسكريين والعلماء الإيرانيين، في حالة تذكر بحالة «البيجر» في الضاحية الجنوبية في بيروت في العام الماضي!

السيناريو المطروح لا يخرج عن اثنين، إما أن تستمر الضربات المتبادلة لفترة قد تطول، وهناك احتمال في هذه الحالة أن تتوسع، وإما الاحتمال الثاني أن يقتنع الطرفان بأن العملية كلها «معادلة صفرية» ويذهب الطرف الإيراني إلى الوصول لاتفاق مع الولايات المتحدة، حسب ما تم الوصول إليه في لقاءات الأطراف في كل من مسقط وروما.

ما أعلن على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه أعطى الإيرانيين فرصة ستين يوماً للوصول إلى اتفاق، وقد انتهت قبل يوم واحد من الاشتباك! وكان من الواضح أن المفاوضات دخلت في مد وجزر، إلى حد أن ضاقت بها الإدارة الأمريكية، وبالتالي توجهت إلى الحل الآخر من خلال القوة الإسرائيلية، التي قد تكون مدعومة لوجستياً بقوة أمريكية، وهو أمر معلن ومكرر.

الظرف الموضوعي للأحداث يخدم كلاً من الحكومة الإسرائيلية، وأيضاً الحكومة الأمريكية، فقد تبين أن العمل العسكري ضد إيران هو جامع لكل وجهات النظر الإسرائيلية، وقد ظهر من الاستطلاعات أن المعارضة الإسرائيلية موافقة على هذا العمل، ووصلت الموافقة الشعبية إلى 80 %.

يعني ذلك أن الحكومة الإسرائيلية الحالية قد تخلصت لفترة من الضغوط الداخلية التي كانت أيضاً تشكل تهديداً جدياً لإسقاطها.

في الولايات المتحدة، كان هناك أيضاً مجموعة من الإشكالات في كاليفورنيا، وعدد من الولايات المختلفة في تصاعد غاضب ضد سياسة الإدارة لترحيل المخالفين للإقامة، وبعضهم كما قيل، قضى سنوات طويلة في الولايات المتحدة، ويعمل دون ارتكاب أي مشكلات قانونية، الإجراء الحربي في الشرق الأوسط، صرف النظر عن تلك المشكلات، وتوجهت وسائل الإعلام الأمريكية كلها تقريباً من أجل تغطية ما يحدث في الشرق الأوسط.

لا أحد يعرف على وجه اليقين ماذا سوف ينتهي إليه الصراع الدائر، والذي نشهده اليوم، واحتمالات أن يتدهور الوضع هو الأقرب، أخذاً بعين الاعتبار التشدد لدى الطرفين المتحاربين.

من نتائجه السريعة، إلغاء الاجتماع المقرر في الأمم المتحدة لدرس «حل الدولتين»، كما من نتائجه المباشرة تسميم الأوساط الشعبية، وزيادة الغليان السياسي في المنطقة.

ما تم كسره هو القاعدة التي استندت إليها إيران في عقود سابقة وهي «الحرب خارج الحدود»، والآن انتقل الموضوع برمته إلى صراع مباشر داخل الحدود، نعرف بدايته، ولكن لا أحد يستطيع أن يتكهن بمآلاته!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد