: آخر تحديث

الطاقة الآيديولوجية الكامنة وراء الاحتجاجات في أميركا

6
7
5

دار نقاش حاد، في يونيو (حزيران) من عام 2020، بين التقدميين حول ما إذا كانت الاحتجاجات التي تحولت إلى أعمال عنف سوف تساعد الرئيس دونالد ترمب على الفوز في الانتخابات.

وكلمة «حاد» هنا هي تعبير ملطَّف. ما حدث في الواقع هو أنَّ الاستراتيجي الديمقراطي ديفيد شور طُرد من شركة تقدمية لتحليل البيانات بعد أن غرد على «تويتر» ببحث أكاديمي يشير إلى أنَّ أعمال الشغب ساعدت في فوز ريتشارد نيكسون في انتخابات 1968، لأنَّ النشطاء اليساريين عدّوا هذا النوع من التحليل شكلاً من أشكال المساعدة والعون للعدو.

كان شور، بالطبع، حكيماً في إصدار مثل هذا التحذير، ولكن في النهاية، لم يبدُ عام 2020 مثل عام 1968، إذ لم يؤدِ ردّ ترمب المتخبط على الاحتجاجات إلى جذب الأغلبية «النيكسونية» الصامتة إلى صناديق الاقتراع.

كان لدى الجمهور ما يكفي من التعاطف مع قضية «حياة السود مهمة»، وما يكفي من الثقة بسمعة جو بايدن المعتدلة، أو ما يكفي من الإرهاق من ترمب لتسليم السلطة إلى الديمقراطيين، حتى بعد الحرائق التي اندلعت في مينيابوليس، وواشنطن، وكينوشا بولاية ويسكونسن.

بالنسبة إلى الديمقراطيين الذين يواجهون سياسة الاحتجاجات وأعمال الشغب في عام 2025، ثمة راحة محتملة هنا، لكن قليلاً فقط، لأن ما حدث بعد مظاهرات جورج فلويد هو ما أدّى إلى عودة ترمب المنتصرة. إلى الحدّ الذي حظيت فيه احتجاجات عام 2020 بتعاطف الجمهور، أو على الأقل بتفهمه، كان ذلك لأنها بدت مرتبطة بمقترح منصف، ولكنه محدود؛ أن الشرطة لا ينبغي أن تقتل أشخاصاً غير مسلحين، وأن الأميركيين السود لا ينبغي أن يعيشوا في خوف من عنف الشرطة.

غير أن الطاقة الآيديولوجية الكامنة وراء الاحتجاجات، التي تراكمت طوال ولاية ترمب الأولى، انتهت بنقل التقدمية إلى ما هو أبعد من قضية إصلاح الشرطة، إلى الثورة الثقافية المناهضة للعنصرية في المؤسسات التعليمية، وإلى تجارب إلغاء الشرطة وتقنين المخدرات، وإلى التخلي عن الجهود الجادة لتأمين الحدود. واليوم، يتحمل المتظاهرون المناهضون لوكالة الهجرة والجمارك والمؤيدون للهجرة عبء هذا الصعود التقدمي الأوسع نطاقاً، الذي تراجع عنه الجمهور بشكل حاسم.

والرأي العام الأميركي بشأن الهجرة دائماً ما يكون قابلاً للتغيير، فهناك كثير من الأشياء التي فعلها ترمب، أو قد يفعلها، التي قد تدفع الناس صوب اليسار مرة أخرى.

لكن من الصعب على المتظاهرين اليوم أن يقدموا أنفسهم على أنهم دعاة الاعتدال واللياقة في مواجهة النزعة الترمبية المتطرفة أكثر مما كان عليه الحال بالنسبة للمتظاهرين في عام 2020، لأن البلاد شاهدت ما حدث عندما تولى التقدميون السلطة، ولم يكن ذلك معتدلاً بأي شكل من الأشكال.

أما الحجة الضمنية التي يطرحها الرئيس على الأميركيين المتضاربين هي أنه حتى لو كنتم تعتقدون أن إجراءاته التنفيذية التي يتخذها تذهب أحياناً إلى أبعد من اللازم، فإن البديل هو التخلي عن الإنفاذ تماماً، والتعامل مع الهجرة الجماعية كقوة طبيعية أو ضرورة إنسانية لا يمكن لأي حكومة أن تحدّ منها بصورة جدية.

وإذا قُبلت هذه الحجة، فسوف يكون ذلك لأن التقدميين حاولوا إثبات صحة كلامه بعد الموسم الأخير من الاحتجاجات الجماهيرية.

* خدمة «نيويورك تايمز»


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد