محمد مفتي
مع بداية كل موسم حج، تسجّل المملكة العديد من الإنجازات في مجال خدمة ضيوف الرحمن، وفي كل عام يزداد عدد الخدمات بالتزامن مع تحسن جودتها بشكل ملموس، وهو التحسن الذي يلمسه كل حاج ويصرح به الكثير منهم عقب عودتهم من الحج، مما يؤكد تضافر جهود المملكة قيادة وشعباً لإنجاح كل موسم حج على نحو يتفوق عن سابقه، وهو ما يوضح للعالم كافة كيف تولي المملكة اهتماماً فائقاً بحجاج بيت الله الحرام، ليتمكنوا من القيام بمناسك الحج جميعها بسهولة ويسر.
وعلى الرغم من محاولات البعض تشويه الإنجازات التي تحققها المملكة العربية السعودية في خدمة الحجيج، إلا أن قيادة المملكة لا تولي أهمية لتلك الأبواق الفارغة التي تنادي كل عام بدعوى مختلفة بغية إفساد موسم الحج ثم إلقاء اللوم على المملكة، ولعل أهمها مناداة تلك الأبواق بعدم أهمية الحصول على تصاريح لأداء فريضة الحج، كما نجدهم متربصين طيلة أيام الحج لاصطياد هفوة هنا أو هناك لتضخيمها والنفخ فيها.
كثيرة هي الخدمات التي توفرها المملكة لضيوف الرحمن، وهي الخدمات التي تشمل مجالات عدة؛ لعل أهمها خدمات الرعاية الصحية التي تهدف لتوفير الرعاية الصحية الفورية للحجاج والاستجابة للحالات الطارئة أينما ووقتما حلت، في إطار منظومة متكاملة معروفة باسم برنامج خدمات ضيوف الرحمن، ويسعى هذا البرنامج لخدمة الحجاج على أكثر من مستوى وفي أكثر من مجال، ومن أهمها مجال النقل والخدمات اللوجيستية، التي تتضمن الاهتمام بالمطارات والقطارات التي تنقل الحجيج والحافلات وسيارات الأجرة.
التخطيط لموسم الحج لا يبدأ مع اقتراب موسم الحج كما يظن البعض، بل هو جهد مبذول على مدار العام يشمل العديد من الأصعدة ويهدف لتطوير الخدمات بصورة عامة على المديين القريب والبعيد معاً، ويُعد تطوير وتنمية البنية التحتية بالمملكة وتحديث المرافق وبناء المزيد منها، مع الاهتمام بترقية الخدمات الرقمية وتطبيق كل جديد فيها، جهداً يضاف لسلسلة الجهود المبذولة خصيصاً لخدمة ضيوف الرحمن سواء للحج أو العمرة، الذين يتوافدون كل عام بأعداد ضخمة جداً استطاعت المملكة إدارتها بما ييسر لضيوف الرحمن أداء مناسكهم بيسر وسهولة.
ولعل مبادرة طريق مكة، وهي المبادرة التي يتضمنها أيضاً برنامج خدمة ضيوف الرحمن، والتي تهدف لتقديم خدمات ذات جودة عالية للحجاج الراغبين في الاستفادة من هذه المبادرة من خلال إنهاء إجراءات الحجيج في بلدانهم، بدءاً من إصدار التأشيرات إلكترونياً حتى إنهائها في مطار بلد المغادرة، تستحق الإشادة لأنها تسهل للحجاج الكثير جداً من الإجراءات الطويلة المرهقة عند الوصول للمملكة، ومن خلالها يتمكن الحجاج من أداء مناسك الحج دون التعرض لعناء الازدحام عند الوصول، حيث يتم نقلهم مباشرة فور وصولهم من مطارات المملكة إلى مقار إقاماتهم في الوقت الذي تتولي الجهات الخدمية إيصال أمتعتهم إلى مقار إقاماتهم.
لا شك أن خدمة حجاج بيت الله الحرام شرف كرم الله به المملكة قيادة وشعباً، وكل إنجاز تحققه عاماً بعد عام يضاف لسلسلة النجاحات التي تحققها على كافة الأصعدة في كل عام، والتي تتسق مع جهودها السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية التي تبذلها لكي تتبوأ مكانتها التي تستحقها بين كافة الأمم، ولعل الاحتفاء البالغ من الحجاج السوريين الذين أوضحوا تقديرهم وكرروا شكرهم لقيادة المملكة لنجاحها في رفع العقوبات الاقتصادية على سوريا لأبلغ دليل على أن جهود الأمير محمد بن سلمان ولي العهد تؤتي ثمارها، فالشعب السوري لن ينسى وقوف المملكة إلى جواره قيادة وشعباً لكي يتمكن من التخلص من الإرث الثقيل لحكم حزب البعث البائد.
جهود المملكة الحثيثة لتحسين خدمات الحج عاماً بعد عام، والتي لم تدخر جهداً في أن تمارسها بحنكة وإبداع، ما هي إلا جزء من الدور الذي تضطلع به إقليمياً وعالمياً، كلاعب أساسي في الشؤون الدولية، بهدف إرساء دعائم السلام ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط، وهي الجهود التي تكللت بالفعل بالنجاح الحقيقي، فالمملكة كانت ولا تزال واحة الأمان والاستقرار ولا تنشد للشعوب الشقيقة سوى الأمن والاستقرار.