عبدالله خلف
قال الشعبي العلم كثير والعمر قصير، فخذوا من العلم أرواحَهُ ودعوا ظروفَه.
قال ابن عباس: العلم أكثر من أن يُحصى فخذوا من كل شيء أحسنه...
خُبرنا أن المنصور قال لبعض ولد المهلب بن أبي صفرة: ما أسرع حسد الناس إلى قومك؟ فقال يا أمير المؤمنين:
إن العرانين تلقاها مُحسّدة
ولا ترى للئام الناس حُسّادا
كم حاسدٍ لهمُ قد رام سعيهم
ما نال مثل مساعيهم، ولا كادا
قومُ سنانٍ أبوهم حين ينسبهم
طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا
محسّدُون على ما كان من نعمٍ
لا ينزع الله منهم ما له حُسِدوا
وأنشد أحمد بن عبيد قائلاً:
إني نشأت، وحُسادي ذوو عددٍ
يا ذا المعارج لا تُنقص لهم عددا
ما زلت أقدم أفراسي مكلمةً
حتى اتخذت على حسادهن يدا
كل العداوة قد تُرجى إماتتها
إلا عداوة من عاداك من حسد
وقال شاعر:
يموت الفتى من عثرة بلسانه
وليس يموت المرء من عثرة الرِّجل
فعثرته بالقول ترمي برأسه
وعثرته بالرجل تبرا على مهل
وقال أبو العتاهية:
إذا كنت عن أن تُحسن الصمت عاجزاً
فأنت عن الإبلاغ في القول أعجز
يخوض أناس في المقال ليوجزوا
وللصمت عن بعض المقالات أوجزُ
وقال بعض الشعراء:
تعاهد لسانك إن اللسانَ
سريع إلى المرء في قتله
هذا اللسان بريد الفؤادِ
يدلّ الرجال على عقله
وقال أبو العتاهية:
لا خير في حشو الكلام
إذا اهتديت إلى عيونه
والصمت أجمل بالفتى
من منطقٍ في غير حينه
وقال لقمان لابنه:
(يا بنيّ إن غُلِبت على الكلام، فلا تُغلب على الصمت، فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول:
إني نَدِمتُ على الكلام مرارا ولم أندم على الصمت مرة واحدة)، هذا من قول «البيان والتبيين» (1: 269 للجاحظ).