: آخر تحديث

يوم الفرار الرهيب: الحرب تنتقل

1
1
1

كان قسم «الأخبار الخارجية» لا يزال يعمل بنظام الأجراس. كلما جاء نبأ مهم ترن أجراس «التلبرنتر» منبهة المحررين. وتلك الأيام التي سبقت 21 أبريل (نيسان) 1975 قبيل سقوط سايغون، كانت أجراس وكالات الأنباء ترن واحدة بعد الأخرى، كأن مساً أصابها.

كانت غرفة «القسم الخارجي» في «النهار» مؤلفة من الزملاء فؤاد مطر، رفيق خوري، الراحل عبد الكريم أبو النصر، أمين معلوف، والمحبّر. وكنا نتبادل السفر إلى أمكنة الأحداث، كل وفق اختصاصه. انضم إلى القسم فتى في الثانية والعشرين، وقرر بكل حماسة أن يذهب هو إلى سايغون، لكي يغطي الأيام الأخيرة من الحرب. لم يكن أحد منا يعرف، أو يتوقع، أن الشهر الذي تنتهي فيه حرب فيتنام، سوف تبدأ حرب لبنان، وسوف تستمر 15 عاماً، وسوف تشتت أهل «القسم الخارجي» جميعاً، ونلتقي في باريس التي سوف يحصد أمين معلوف جوائزها، وألقابها، وأطنابها الكبرى.

كانت حرب فيتنام «أهلية» هي أيضاً: شمال وجنوب، بدل «شرقية وغربية»، وأضيفت إليها طبعاً، وسريعاً، القضية الفلسطينية. وكتب الرئيس شارل حلو في مذكراته لاحقاً، إنه يوم أفاق ورأى 100 ألف متظاهر في قلب بيروت، قرر أنه لم يعد هناك سوى حل واحد: التقسيم!

انتقلت الحروب الباردة من جنوب شرقي آسيا إلى الشرق الأوسط. وتغيرت مواقع ومواقف. وخرجت مصر من الحلف السوفياتي. وكذلك سوف يفعل ياسر عرفات ومنظمة التحرير. ذلك كان ما سوف يسمى الآن الشرق الأوسط الجديد. وهذا لا تهدأ حروبه، بينما دخلت أميركا وفيتنام في مسابقة المودات والعلاقات الممتازة، والاستثمارات المتبادلة.

منذ ذلك الوقت لم تكف انفراجات آسيا عن التوسع، ولم تكف أوضاع الشرق الأوسط عن التدهور. وعلى خريطة المنازعات تغيب وتعود شهوات الشرر، مثل كشمير، لكنها لا تلبث أن تخبت، تاركة النزاعات المزمنة لأهلها.

فلنعد إلى أجواء ومناخات تلك المرحلة: الجيش الأميركي يعبر المحيطات، قادماً إلى أدغال فقيرة لكي يمنع الشيوعية من الانتشار. المليارات تهدر، لكي لا تهان أميركا، والعالم ينقسم.

إلى اللقاء...


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد