علي الخزيم
= ظهرت بالآونة الأخيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة وأحاديث مسجلة يتبارى ويتسابق أصحابها بالتغني بأمجاد محافظاتهم ومدنهم وقراهم؛ كما يسجلون ما يُروى عن مواقف صلبة ومؤثرة لأجدادهم وأسلافهم سواء على المستوى الضَّيق لبلداتهم أو ما يتعلق بنشأة المملكة العربية السعودية وجهود الأوائل من الآباء والأجداد -غفر الله لهم- وتضافرها مع جهود القيادات السعودية المُتعاقبة حتى تم -بحمد الله سبحانه- توحيد (مملكة العز والعزم والإنسانية)، وهو وإن كان بالنيّة الصادقة أمر جيد؛ إلَّا أنه ليس من المقبول أن تتجاوز التجاذبات والسِّجالات بين بعض مواطني المحافظات والمدن إلى ادعاء الأفضلية المطلقة لطرف دون الآخر.
= كل منطقة وكل محافظة لها مواقفها ولها أهلها الكرام (من الجنسين) مِمَّن يُشاد بهم ويُشار إليهم بكل مناسبة بالذكر الحسن ومتانة الولاء للقيادة الرشيدة؛ والحب والإخلاص للوطن ومواطنيه، وأضع هنا تلميحًا سريعًا عن بداية شرارة هذا التحاور والتسابق اللفظي بين أفراد متحمسين من مدن منطقة الوسط بالمملكة؛ هدفهم جميعاً وطني راق، سِوى ما يؤخذ على بعضهم من حدة بالمفردات والعبارات التي كان من الأفضل البعد عنها، وفيما يلي شيء من الإيضاح.
= برنامج تلفزيوني جماهيري يقدمه مثقف وطني يهتم بتراث وتاريخ الوطن، وينفذ رحلات متكاملة المعايير والأركان تجوب أنحاء مملكتنا الحبيبة ويُدون ويصور إرثها ومعالمها التاريخية لاطلاع الأجيال عليها، ولتقديمها للعالم ليشاهدوا ما قد غاب عنهم ولم يطلعوا عليه من تاريخنا المجيد الضارب بأعماق التاريخ، المتشبث بأرضنا أرض الحضارات المتعاقبة؛ وللتأكيد بأن أسلافنا وأجدادنا كانوا يتمتعون بفكر نَيِّر وعقول صافية، وأنهم (بقدر الإمكانات والمعطيات المتاحة) استطاعوا أن يبنوا لهم مجدًا ويؤسّسون لحضارات متعاقبة ألهموا بها العالم ونشروا نتاجها للأمم.
= بإحدى حلقات البرنامج الجماهيري تحدث المُعد المُقدم عن أمثلة وعيِّنات محددة من تراث إحدى مدن المنطقة ونشاطهم التجاري ومواقفهم الوطنية! وهنا كانت بداية طرح بعض المتابعين رؤى وأقوال تتحدث عن ملامح ومواقف وتراث عريق لمدنهم، بما يعني نَفي تفرد المدينة الوارد ذكرها بذاك البرنامج بهذه الاعتبارات؛ وأخذ كلٌّ يُدلِي بما في جعبته حبًا وإكبارًا للوطن وقيادته، وهنا لَزم استذكار أن الوطن العزيز للجميع، وحُب الأوطان والوفاء لها مندوب إليه، وجاحد من لا يُمجِّد ويكرم بلاده وأهله، مع إدراك أهمية جمع الكلمة وتوحيد الصفوف مهما تباينت مُعطيات ومعايير مؤشرات التفاني بجانب الوطن، فيد المواطن الصالح المُخلص سند لقيادته.
= من الحكمة أن تتضافر الجهود وتَتَّحد الكلمة وتصفو القلوب بسبيل رفعة الوطن فهو للجميع، ومحو مشاعر وأدوات التسابق المتشنج بهذا الشأن، ولنشعر دومًا بأن ما يقدمه طرف أو جهة أو بقعة من بلادنا هو تكامل وإضافة لما يقدمه الآخرون، نتفاخر ونتسابق لحب وعزة الوطن لكن دون ما قد يُعّكر هذا التباري النبيل العظيم لرفع راية السعودية شامخة عزيزة، حفظ الله القيادة الساهرة لتحقيق هذه الأمجاد، وحفظ سبحانه شعب بلادنا الطاهرة وأدام عليهم فضله ونعمه، وأضفى عليها مزيدًا من الأمن والاستقرار.