: آخر تحديث

انتقادات أكاديمية لهجوم ترمب على الجامعات

1
1
1

برزت ظاهرة جديدة في الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تميزت بالمشاركة الفعالة ما بين الأبحاث الجامعية في الولايات المتحدة، وتمويلها من قِبل الحكومة الفيدرالية.

وأدى التعاون المشترك هذا إلى صعود أجيال من العلماء الأميركيين والأجانب الذين تميزوا بأبحاثهم العلمية التي تركت بصماتها على التقدم العلمي العالمي منذ بداية النصف الثاني للقرن العشرين، بالإضافة إلى التقدم الذي حققته الجامعات الأميركية على المستوى العالمي.

أثارت إدارة الرئيس ترمب خلال الأسابيع الأخيرة حملة قوية على الجامعات، مما دفع جامعة «هارفارد» للتمسك بموقفها بمنع الحكومة من التدخل في التدريس والآراء داخل حرم الجامعة. ورفعت «هارفارد» دعوى قضائية ضد إدارة ترمب لمنع الجامعة من الاستفادة من ملياري دولار. وانزعجت إدارة ترمب من جهتها من احتجاجات وتجمعات طلاب وأساتذة «هارفارد» لاستنكارهم حرب الإبادة الإسرائيلية للشعب الفلسطيني في غزة. واتهم ترمب علناً الجامعة بمساندة اللاسامية، وهي التهمة نفسها التي يطرحها نتنياهو جزافاً ضد من يعارض سياساته. لكن إدارة «هارفارد» رفضت هذه التهمة، وعدّت ملاحقة الحكومة الفيدرالية تدخلاً سافراً في حرية التدريس وشؤون الجامعة.

شجع الموقف الشجاع لـ«هارفارد» بقية الجامعات الأميركية، فصدر بيان مشترك موقّع مِن قِبل رؤساء 115 كلية وجامعة أميركية يعترض على تدخل الحكومة الأميركية في شؤون وحرية التدريس والتعبير في الجامعات.

هناك مساران تبنتهما الحكومة الأميركية في الضغط على الجامعات. الأول سياسي بحت، حيث تبنت الحكومة الأميركية الشعار الإسرائيلي. والثاني عملياتي ومالي ينحو نحو الشؤون الأكاديمية، حيث يتعلق بتقليص المنح والمساعدات للمصروفات «غير المباشرة» للمختبرات والأبحاث.

يتولى الوزير إيلون ماسك سياسة تقليص المنح للمصروفات «غير المباشرة» للأبحاث والدراسات، عادّاً هذا التقليص للنفقات جزءاً من سياسة الإدارة لترشيق الوزارات والإدارات الحكومية والبرامج الدولية.

يمكن للوهلة الأولى عدّ معركة تقليص المساعدات للمصروفات «غير المباشرة» للأبحاث والمختبرات هامشية بالنسبة للمعارك المهمة الجارية في الولايات المتحدة.

لكن بحسب الدكتور أندرو ديسلر أستاذ علوم الأنواء الجوية في جامعة «تكساس»، ورئيس «مركز أبحاث تكساس للأنواء الجوية المضطربة» في مقال له بدورية «نشرة علماء الذرة» الأميركية: «ستقرر معركة تقليص مساعدة بند المصروفات (غير المباشرة) للأبحاث والمختبرات مستوى العلوم والتقنيات المستقبلية التي قد يتم التوصل إليها في المختبرات الأميركية أو الصينية».

وقررت وزارة الطاقة الأميركية مؤخراً عدم شمول المصروفات «غير المباشرة» للجامعات الأميركية في برامج المنح التي تقدمها، والتي تشكل نحو 15 في المائة من قيمة مشاريع الأبحاث والمختبرات، الأمر الذي أدى إلى توفير ضرائب سنوية تقدر بنحو 405 ملايين دولار.

لكن رغم تقليص منح المصروفات «غير المباشرة»، تستمر الوزارة في القول إنها تعمل على مساندة البحث العلمي «دون الأخذ بعين الاعتبار المصاريف الإدارية ونفقات تشييد المباني والمختبرات الجديدة والحديثة».

يكمن السبب في خطورة قرارات مثل هذه إلى كيفية تعريف المصروفات «غير المباشرة». فهناك المرئي منها، حيث ارتداء العلماء سترات بيضاء، وهناك غير المرئي، مثل أجهزة التبريد، والكهرباء، والواي فاي والإنترنت، وخدمات العمال لتنظيف المختبرات، ومعاشات الموظفين المسؤولين عن الأجور، والمشتريات، والمكتبات. وهناك أيضاً قيمة الاستثمارات طويلة المدى لتشييد البنايات والمختبرات.

وأشار ديسلر، على سبيل المثال، إلى أن تكلفة النفقات غير المباشرة للأبحاث والمختبرات في جامعته نحو 54 في المائة لكل مشروع. من ثم، فإن نفقات مشروع أبحاث قيمته 100 ألف دولار تصبح مع النفقات «غير المباشرة» نحو 154 ألف دولار. ويؤكد ديسلر أن هذه ليست أرقاماً نظرية، إذ إن الجامعة تناقش جميع تفاصيل الميزانية مع الحكومة الفيدرالية، إلا أن قرار وزارة الطاقة الأخير المشار إليه أعلاه، سيدخلنا في مناقشة تفاصيل مستقلة وصعبة، مثل استثناء المنح لنسبة صيانة المصاعد في بناية توجد فيها المختبرات.

ويضيف ديسلر أن هناك إمكانية أخرى لتمويل المصروفات «غير المباشرة» بالطلب من المجلس التشريعي لولاية تكساس بالموافقة على الزيادات.

لكن هذه الوسيلة تعني عدم فهم معنى وأهمية التمويل الفيدرالي للأبحاث. فهذا الدور واسع النطاق، حيث يشمل الأبحاث العلمية الجامعية. وهذه الأبحاث بالذات ذات فائدة للمجتمع الأميركي كافة، من خلال الاستفادة في تطوير التكنولوجيا الحديثة، وتحسين الصحة العامة، ودعم الأمن القومي، والحفاظ على موقع الولايات المتحدة العلمي عالمياً. ومن الواضح، أنه ليس من واجب الطلاب تحمل هذه المسؤوليات عن طريق زيادة أجورهم الدراسية.

وختم ديسلر تعليقه على الهجوم الذي تشنه إدارة الرئيس ترمب على الجامعات، بالآتي: «رد الفعل المتوقع لهجوم ترمب على الجامعات هو إعادة الاعتبار العلمي للصين ثانية».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد