: آخر تحديث

الحرب التجارية اشتعلت.. وإطفاؤها يبدو صعباً!

4
3
3

محمد سليمان العنقري

وقع الرئيس الامريكي على قرار وضع رسوم جمركية على الواردات الصينية بنسبة 20 بالمائة بينما دخلت الرسوم على واردات كندا والمكسيك للسوق الامريكي حيز التطبيق بواقع 25 بالمائة، بينما وعد ترمب بوضع رسوم على الواردات الاوروبية إضافة لما أعلن عنه سابقا من رسوم على الحديد والصلب، وهو توجه وعد به ناخبيه منذ عدة شهور كركيزة أساسية في سياساته الاقتصادية بهدف تخفيض العجز التجاري لبلاده الذي ناهز تريليون دولار سنوياً، إضافة لمنح محفزات لكل من يفتتح خطوط إنتاج ببلاده وقد أعلنت عدة شركات نيتها ضخ استثمارات في أميركا بالسنوات القادمة للاستفادة من المزايا الجديدة وهرباً من تأثير الرسوم عليها لأن السوق الامريكي هو الأكبر لديها ويهمها الحفاظ على حصصها فيه.

حقيقةً، ما أعلن هو حرب تجارية لأنها قوبلت برد مماثل من الدول التي فرض ترمب رسوما جمركية على وارداتها، وقد ظهر اثر هذه التطورات بأسواق المال عالمياً بهبوط حاد تخوفاً من تراجع بمعدلات النمو الاقتصاد العالمي وتاريخياً لم تحقق مثل هذه الحروب اي منفعة مستدامة لمن يبدأ بفرضها، وقد وصف (وارن بافت)، أحد اكبر المستثمرين في العالم مآلات فرض الرسوم بأنها حرب إلى حد ما، وستتسبب برفع التضخم والأضرار بالمستهلك، ولن تتأثر الشركات الاجنبية بنهاية المطاف وهي ضرائب بذات الوقت على المستهلك، وهو رأي يعبر فيه الرجل الذي دائماً ما يكون لتصريحاته صداً مهماً عن مخاوف كبيرة حول مستقبل اقتصاد اميركا، والذي رفض التعليق على سؤال وجه له حول رأيه بمستقبل الاقتصاد إلا ان الإدارة الامريكية تسير بقراراتها وتوجهها دون اي اعتبار للسلبيات التي سيحدثها قرار الرسوم بل ان الرئيس الاسبق الراحل رونالد ريغان رفضها معتبرا ان نتائجها الايجابية قصيرة جداً وانها ضارة بالمستقبل؛ لأن الشركات ستترهل وتبتعد عن الابتكار لتبقى تنافسيتها بأفضل المستويات وستقتات على هذا الدعم الضار لها وللاقتصاد، فالرسوم الحالية تنذر بكوارث اقتصادية كبرى والعالم بالكاد خرج من تداعيات جائحة كورونا، والغريب أن ادارة ترمب قالت انها لا تتوقع رد فعل مماثل من الدول التي فرضت عليها رسوم وهي قراءة اتضح انها خاطئة لأن الرد من تلك الدول جاء سريعاً وبدون تردد بفرض رسوم على الواردات الامريكية ..

يبدو أننا أمام مشهد غير مألوف في الاقتصاد العالمي ولن يحل بسهولة والاخطر ان يصبح قاعدة ثابتة في العلاقات التجارية بين كبرى الاقتصادات؛ أي كلما رأت دولة أن ميزانها التجاري خاسر مع دولة أخرى فتقوم بفرض رسوم على الواردات، منها وهو ما سيعني اطلاق رصاصة على رأس منظمة التجارة العالمية وإعلان نهايتها وهو ما سيكون له تداعيات اقتصادية وتجارية كبيرة، وقد يكون الحل بعقد قمة طارئة تجمع كل هذه الدول للتوصل لحلول لأي ملفات خلافية بين تلك الدول لا تضع الرسوم الجمركية كسلاح لحلها وتحقيق انتصار وهمي فيها فاميركا تعتمد في ناتجها على حوالي 70 بالمائة من انفاق المستهلك وبذلك تكون كمن يطلق الرصاصة على قدمه بهذه الرسوم اضافة الى ان ترمب وعد بخفض تكاليف المعيشة ولكنه بهذه التوجهات يطبق سياسة معاكسة فهذا ما صرح به جل الامريكيين من خبراء الاقتصاد ورجال الاعمال والمصنعين والمستهلكين


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد