: آخر تحديث

عندما يكون تصحيح الخطأ... أكبر من الخطأ ذاته!

7
6
6

محمد ناصر العطوان

في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، كانت فكرة المشاريع الصغيرة والمتوسطة قد انتشرت بقوة، ولكن وقتها لم يكن اسمها مشاريع صغيرة أو متوسطة، بل كان اسمها «مشروع» أو تجارة، وقد ناقش مسلسل «درب الزلق» هذه الفكرة بحس عال من السخرية.

وفي عام 1981، ظهر فيلم «أمهات في المنفى»، والذي يحكي قصصاً متشابكة لأناس من بيئات مختلفة... واحدة منها قصة رجل يرفض أخذ الرشوة في عمله بالجمارك «حسونة»، والذي يقوم بدوره عادل إمام، فهو رجل شريف، ولكن الغريب أنه شريف فقط في وظيفته، لأنه في الواقع جَزّء مبادئه وقيمه... فهو يشرب الخمر، ويلعب قمار ويفتح شقته للرقص والسخرية والمسخرة، ويسمح لزوجته بأن تشرب مع أصدقاء «الطاولة» ويخون شريكهُ مع زوجته... ورغم كل ذلك، فهو شريف لا يقبل أن يأخذ الرشوة في وظيفته.

ولكن تجزئة المبادئ تأخذ «حسونة» إلى حياة أخرى، وقرارات غير مدروسة، ومواقف لا يحسد عليها... في النهاية يصبح غير شريف في كل شيء حتى وظيفته... وعندما يقرر أن يصلح أخطاءه، يدفع الثمن غالياً... يتكرر هذا السيناريو مع كل من هم حوله، فيبدأ الجميع بالخسارة تلو الخسارة،... ويتساءل الفيلم عن «ما هي الاستقامة وما هو المشروع الحقيقي؟!» وكيف أن إصلاح الأخطاء أحياناً أصعب من الأخطاء نفسها.

على هامش القصة الرئيسية، تقوم «أمينة رزق» بدور رائع... ويُقدم المُخرج محمد راضي، مشاهد جديدة كُلياً على السينما المصرية.

يُخبرني أحد الأشخاص الحكماء الذين عرفتهم في حياتي قائلاً «المشكلة لا تكون أحياناً في الأخطاء، بل في تصحيح الخطأ ذاته».

ولا شك عزيزي القارئ أن النهر قد جرى فيه أخطاء كثيرة، وأن تصحيح هذه الأخطاء قد يكون خطأ أكبر إذا لم يقم على دراسة وتركيز ونهج علمي وحكيم... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد