: آخر تحديث

رمضان والرياض ومكّة... وعبد العزيز

6
7
5

رمضان مبارك على الجميع، أريد العودة بكم إلى نحو 9 عقود للخلف، وكيف كان استقبال العاصمة السعودية الرياض لدخول شهر رمضان عام 1356 هجرياً الموافق 1937 ميلادياً.

طالعوا معي هذا النصّ، من شاهد عيان في رياض الملك عبد العزيز، بُعيد إعلان اسم المملكة العربية السعودية بـ5 سنوات فقط.

يقول شاهدنا من الرياض: «استعداداً لإعلان دخول شهر رمضان أُخرج مدفعٌ من الطراز القديم من القصر محمولاً على عَجَلتَيْن، واشترك في سحبه خدم القصر وحمّالو المالية والأولاد بالأغاني والأهازيج وترديد كلمات غير مفهومة إلى خارج البلدة ناحية البطحاء، ولا يُستعمل إلا ليلة الصيام، لإعلان الرؤية، ثم مرّة أخرى إثبات رؤية شوال».

شاهدنا هذا هو المؤرخ والتربوي، الشيخ أحمد علي الكاظمي، في كتابه الجميل، العفوي، الموسوم بـ«ذكريات» من منشورات النادي الأدبي بالطائف عام 1977 ميلادياً.

الأستاذ أحمد علي كان من الدفعة الأولى من خرّيجي المعهد العلمي السعودي بمكّة المكرمة، الذي كان الملك عبد العزيز يوليه رعاية خاصّة، واستقدم له كبار المدرسين من الشام ومصر والمغرب، ومكّة المكرمة أيضاً.

يقول «الطالب» أحمد علي إن الملك عبد العزيز استقبلهم شخصياً في قصر السقاّف بمكّة المكرمة، وكان ممّا قاله لهم في كلمته: «أنتم أول ثمرة من غرسنا الذي غرسناه بالمعهد، فاعرفوا قدر العلم واعملوا به؛ لأن العلم بلا عمل كشجرة بلا ثمر».

وفي لفتة ملكية عميقة الدلالات في بواكير نشأة المملكة الشاسعة، يقول أحمد علي، لقد لاحظ اختلاف أجناس الطلبة، فقال: «إن التفاضل لا يكون إلا بالتقوى، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، كلكم لآدم وآدم من تراب، ومن كان منكم من بيت كبير، فليحرص على ألا يكون سبباً في خفْضه، ومن كان من آخر، فليبْنِ لنفسه مجداً، فقد منّ الله عليكم بالعلم وأرشدكم إلى طريق الخير فاعملوا إنّا لعملكم منتظرون».

أحمد علي، تخرّج في المعهد سنة 1930 مع أول فوج من طلبة المعهد العلمي السعودي، كما ذكرنا.

على ذكر الرياض، فقد ذهب صاحبنا إلى الرياض، في رحلة مثيرة، استغرقت عدّة أيام، للذهاب إلى العاصمة الرياض، حيث كلّف الملك عبد العزيز الشيخ عبد الله خيّاط، أن يختار مجموعة من المدرّسين، لإنشاء مدرسة للأمراء وبعض الحاشية داخل قصر الحكم في الرياض، ويصف المؤلف الرياض وصفاً بديعاً عن تلك العاصمة الطينية التي كانت تستعد لانطلاقة جديدة، وقد واجه هؤلاء المدرسون أزمة في إيجاد سكن مناسب.

يقول المؤلف إن الشيخ عبد الله خياط، الذي كان الملك يحترمه ويحبّ تلاوته للقرآن، كتب للملك حول الأمر، نتابع: «وبعد الكتابة زرنا جلالته ذات ليلة في مجلسه، وقبل الانصراف سأل جلالتهُ الشيخَ عبد الله خياط عن المدرسة وسيرها وسير الأمراء، وبهذه المناسبة ذكر الشيخ عبد الله لجلالته مسألة الدار القديمة وعدم ارتياحنا فيها، فقال جلالته رحمه الله: بيوت الرياض هي كما ترونها، والرياض اليوم ضاقت بالسكّان والبيوت الطيبة فيها قليلة، ومع هذا ابحثوا عن دار تناسبكم ونحن نأمر لكم بها». وهذا ما حصل لاحقاً.

كل عام وأنت بخير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.