: آخر تحديث

قيصر السوري درامياً... ممكن؟!

3
2
3

عملُ مسلسل أو فيلم، بالاعتماد على قصّة حقيقية، أو سيرة شخصية واقعية، من أظهر أنواع الدراما المعروفة، في الغرب والشرق، فيما يُعرف بأعمال السير الذاتية، أو المستوحاة من أحداثٍ حقيقية، كما يُكتب عادة في مقدّمة العمل.

هذا النوع له متابعون - أنا منهم - يحرصون على مشاهدة هذه الأعمال، ومعرفة كيفية مقاربة صُنّاع هذا العمل لهذه الشخصية أو تلك الواقعة أو الوقائع التي جرت حقّاً.

لكن المعضلة التي لم تُحلَّ حتى اليوم، هي الصراع الدائم بين صُنّاع العمل، وبين ورثة هذه الشخصية أو أبطال تلك القصة، أو المتعاطفين مع الشخصية أو القصة، وهل يحقُّ للدراما أن تصنع خيالها الخاص حول الواقع؟ وإلى أي مدى؟ وهل ما تشاهدهُ - أنتَ - على الشاشة هو بالفعل ما جرى، بكل زواياه، أم هي «رؤية» المخرج والكاتب والمنتج، و«وجهة نظرهم» الخاصة؟... ليست «وثيقة» تاريخية دقيقة، هذا إن أمكن أصلاً للدراما أو الوثائقيات أن تستطيع تقديم الصورة الكاملة، من أساسه!

قبل أيام، ثار الجدلُ في سوريا وحولها، بسبب خبرٍ عن شروع بعض أهل الفن، في صناعة مسلسل عن حكاية «قيصر» السوري، خاصة بعدما كشف الضابط السوري المعارض فريد المذهان عن شخصيته الحقيقية، وهو الذي هرّب زهاء 55 ألف صورة تفضح جرائم النظام الأسدي تجاه السجناء في سوريا، هذا الفضحُ الذي تسبّب في صدور قانون قيصر الأميركي الشهير.

المعترضون يقولون إن المسلسل «يستهين» بمشاعر الضحايا، ويتاجر بها، وقيصر نفسه، فريد المذهان، قال إنه لم يسمح بإنتاج عملٍ كهذا. لكن من قال إن القصة المشهورة أو الشخصية العامة، مملوكة بالحق الحصري لجهة أو أسرة ما؟!

سؤال مُعضلٌ.

تباينت الأجوبة وصور التفاعل مع هذا السؤال، حتى من بعض أبناء وأقارب الفنانين، ومنهم من يرفض عمل أفلام عن النجم الشهير من عائلتهم.

على سبيل المثال: الفنّان المصري كريم نجل النجم الراحل محمود عبد العزيز قال إنه «يرفض تحويل حياة والده إلى عمل درامي»، رغم أن والده عمل سيرة الجاسوس المصري «رأفت الهجّان».

أعجب من ذلك أن إيمان زكي، شقيقة النجم المصري الراحل أحمد زكي، رفضت أيضاً صناعة مسلسل عن شقيقها، الذي مثّل 3 أفلام سير ذاتية: عبد الناصر والسادات وحليم!

حسن حافظ، الباحث في تاريخ مصر، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «سيرة أي شخصية مشهورة هي ملكية عامة، ومن حق أي مبدع تقديمها في عمل فني».

المحامي بالنقض محمد إصلاح، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال إن «مجرّد التجسيد لا يرتب حقاً قانونياً للورثة في الاعتراض، ولكن لهم رفع دعوى تعويض إذا أثبتوا أن النشر والتجسيد قد أضرّ بسمعة المتوفى».

بعيداً عن هذا الجدل القانوني الأخلاقي السياسي، فلن يقدر طرفٌ ما على منْع صانع هذا العمل أو ذاك من تقديمه، خاصة إذا كانت تلك الشخصية العامة أو هاتيك، أو تلك القصة أو هاتيك، تثير حماسة الجمهور وتلعب بمشاعر الفضول لديهم. والحلُّ حينها يكون إمّا بنقد هذا العمل نقداً مُتقناً كاشفاً، وأيضاً تقديم أعمال أجود من هذا العمل، يلغي الأردأ ويبقي على الأجود.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد