خالد بن حمد المالك
تظل المملكة وجهة مرغوبة ومطلوبة لصناعة السلام في العالم، ومكاناً مهيئاً بامتياز لوضع حد للحروب والقتال والخلافات بين الدول، هي لا غيرها بين كل دول العالم من يتفق الخصوم على اختيارها لإحلال السلام منها وبها بالحوار والتفاهم بعد أن عجزت آلة الحرب عن وضع نهاية للحروب.
* *
أمامنا الآن الحرب الأوكرانية الروسية التي طال أمد اشتعالها، فقتل فيها من قتل من الجانبين، وهدمت المباني، واحتلت كل دولة أراضي للدولة الأخرى، وخسرت وخربت الاقتصاد في البلدين، ولا توجد مؤشرات لانتهائها بهزيمة طرف للطرف الآخر، رغم ضراوة الحرب، واستخدام كل أنواع الأسلحة المدمرة.
* *
وتزامناً مع بداية الأزمة الأوكرانية الروسية، ومنذ بداياتها فقد أولى سمو ولي العهد اهتماماً مبكراً بتبني المبادرات الرامية للتخفيف من التداعيات الإنسانية والأمنية للأزمة، وضمن ذلك فقد استضافت المملكة العديد من الاجتماعات التي حققت نتائج إيجابية في مجال تبادل الأسرى بين موسكو وكييف.
* *
ولم يكن مستغرباً في ضوء سياسة المملكة المعتدلة أن يُعقد مؤتمر قمة بالرياض يجمع الرئيسين الروسي والأمريكي بأمل الوصول إلى حل للأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وترحيب المملكة والدول المعنية بذلك، انطلاقاً من مكانة المملكة ودورها القيادي على المستوى الدولي، وحرص قيادات دول العالم على التنسيق معها لإيجاد حلول للأزمات والتحديات في العالم.
* *
ولا نحتاج إلى التذكير بما يتمتع به سمو ولي العهد من مكانة واحترام كبيرين لدى الرئيس ترامب والرئيس بوتين، مما يسهم في تعزيز فرص نجاح الجهود والمبادرات التي يطلقها، أو يقودها ولي العهد لحل وتسوية الخلافات بين أمريكا وروسيا وإنهاء الحرب في أوكرانيا، وأن المملكة هي المكان المفضّل لدى أمريكا وروسيا لعقد هذا الاجتماع.
* *
والمملكة على امتداد تاريخها تؤمن دائماً بأن الحوار هو السبيل الوحيد لحل جميع الأزمات الدولية، وعقد الاجتماع بالرياض لحل الأزمة الأوكرانية، إنما هو من أجل التوافق حول أطر وآليات هذا الحل، من خلال الحوار، والاستفادة من علاقة المملكة المميزة مع جميع أطراف الأزمة.
* *
وإذا ما نظرنا إلى مكانة المملكة، ودورها القيادي على المستوى العربي والإسلامي والدولي، أدركنا سبب اختيارها للقمة المنتظرة بين ترامب وبوتين، والتوقعات بنجاح الاجتماع، والوصول إلى نتائج مرضية لكل الأطراف في إيقاف الحرب التي إذا ما استمرت فلن يكون فيها طرف فائز.
* *
هناك تداعيات إنسانية وأمنية للأزمة في الحرب الروسية الأوكرانية، وهي ضمن ما حفَّز ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليكون حاضراً في محاولات لم تتوقف للتخفيف منها، باستخدام علاقاته المتميزة مع كل من رئيسي روسيا وأوكرانيا، وقبول الطرفين بتدخل سموه، ثقة منهما بأنه يقف على مسافة واحدة من الجميع.
* *
وغني عن القول، فإننا نؤكد أن القمة إذا ما عُقدت بالرياض، فإن الأجواء سوف تكون مهيأة للتوافق على ما ينهي هذه الحرب، برضا من الطرفين، ومن كل الأطراف التي كان لها دور في تغذيتها لمصالح وحسابات لم يكن تقديرها صحيحاً.