: آخر تحديث

المحاسبة ودورها في القرارات الإستراتيجية

8
8
7

استكمالاً للحديث عن الإدارات المهمة في الأجهزة الحكومية والخاصة أخصص مقال اليوم عن إدارات المالية و المحاسبة والمراجعة الداخلية تزامناً مع صدور قرار مجلس الوزراء الأسبوع الماضي بنقل اختصاص إصدار التراخيص لمهنة المحاسبة والمراجعة من وزارة التجارة إلى الهيئة السعودية للمراجعين والمحاسبين، وذلك بهدف تمكين الهيئة وهي الجهة المشرفة على مهنة المحاسبة والمراجعة من عملية تنظيم العمل المهني للمرخصين والإشراف الكلي على مهنة المحاسبة والمراجعة خدمة للاقتصاد الوطني.

وتقوم إدارات المالية والمحاسبة بدور حيوي في منظومة الأعمال الحديثة حيث تعد أداة أساسية لاتخاذ القرارات الإستراتيجية وتحقيق الاستدامة المالية وتوفير معلومات مالية دقيقة ما يساعد الإدارة والمستثمرين على تقييم الأداء المالي واتخاذ قرارات بناء على بيانات موثوقة.

وتساعد العمليات المالية على تحديد وتحليل المخاطر المالية مثل تقلبات السوق أو الديون المتعثرة مما يمكن الشركات من وضع خططها للتعامل مع هذه المخاطر إضافة إلى تعزيز الشفافية والمصداقية حيث توفر معلومات مالية واضحة وشفافة تسهم في تحسين الوضع المالي للمؤسسة أو الشركة.

فالمختص المالي الجيد لا يكتفي بتسجيل الأرقام، بل يسعى إلى فهم القصة وراءها ولماذا ارتفعت تكلفة الإنتاج؟ وذلك ما جعل المسؤول المالي التنفيذي CFO في الشركات وظيفة قيادية مهمة، وذلك ما تبناه دليل معايير المحاسبة للقطاع العام الصادر من وزارة المالية 2019 والذي يؤكد على ضرورة إلمام المسؤول المالي في الجهات الحكومية بالعمليات التي يتم الصرف عليها ويساعد على توجيه الموارد المالية بحكمة نحو المشاريع ذات الأثر، ويسهم في معرفة الأثر المترتب في هذه العمليات، وهل هناك فرصة لتقليل التكاليف دون المساس بجودة المنتج؟ هذه المهام والأسئلة هي التي تجعل المسؤولين الماليين شركاء في اتخاذ القرارات.

ومع التحول الرقمي أصبحت المحاسبة والعمليات المالية تعتمد بشكل متزايد على التقنية مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة ما يعزز الدقة والكفاءة في خدمة الأعمال الحديثة لكن رغم كل هذا التقدم، تبقى النزاهة والمهنية أساس نجاح الماليين والمراجعين.

وبعد هذه القراءات حول الوضع الحديث لأهمية الماليين والمراجعين والمحاسبين لا بد من إعطاء لمحة تاريخية عن هذه المهن في بلادنا منذ منتصف القرن الـ14 الهجري حيث حظيت باهتمام المسؤولين فقد تضمن النظام التجاري الصادر 1350هـ بعض الأحكام التي تنظم مسك الدفاتر التجارية وإثبات العمليات المالية وألزم نظام الشركات بإعداد قوائم مالية ومراجعتها من قبل محاسب قانوني مرخص وتضمن نظام الشركات قواعد حول تعيين المحاسب القانوني وتحديد مسؤولياته.

وأذكر من أبرز المحاسبين القانونيين المشهود لهم بالمهنية والكفاءة آنذاك عبدالعزيز الراشد -رحمه الله- وقد عرفته عن قرب وهو من الرجال المخلصين الصادقين وظهرت جهوده في تصحيح مسار بعض الشركات التي تولى مراقبة حساباتها بكل صراحة ووضوح.

وأخيراً: لا بد من شكر بعض الجهات التي ساعدت على تطوير مهنة المحاسبة منها وزارة المالية ووزارة التجارة والديوان العام للمحاسبة، إلى جانب جامعة الملك سعود حيث بدأت عام 1401هـ بعقد سلسلة من الندوات حول تطوير المحاسبة في السعودية وذلك لبحث وضع مهنة المحاسبة والمراجعة والتعرف على الأسباب التي تحد من نموها بغرض وضع التوصيات اللازمة لتطويرها كما وافق المجلس العلمي للجامعة في 1401هـ على إنشاء جمعية المحاسبة السعودية بهدف تنمية الفكر المحاسبي وتيسير تبادل الإنتاج العلمي للإسهام في حركة التقدم العلمي وتقديم المشورة والقيام بالدراسات في هذا المجال الحيوي المهم.

ولذا فإن جامعة الملك سعود قد قامت بدور مهم لتطوير مهنة المحاسبة والمطلوب من جامعاتنا أن تقدم مثل هذه الجهود في مختلف المجالات العلمية خدمة للمجتمع بدل الاقتصار على مجال التعليم فقط.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد