سهوب بغدادي
نعيش حياتنا في العلم والعمل واكتساب الخبرات، ولكل شخص منا طريقته الخاصة في نهل المعرفة والعلوم والمهارات، فالبعض يهوى الترحال والسفر ويجد في ذلك مغامرة شيقة وانفتاحًا على الثقافات والحضارات المختلفة مما يحقق مراده، والبعض الآخر يسخّر طاقاته في الهوايات والتجارب الجديدة، فكل هواية وتجربة تحمل مجتمعًا خاصًا بها، فالإنسان عبارة عن جملة من تلك المهارات والاختبارات واللحظات الفريدة من نوعها، ولكن ماذا بعد ذلك؟ هناك من يوثق ما في جعبته في سيرة ذاتية وكتاب، وفي العصر الحالي، نرى «الفلوق» المدونة المرئية عبر المقاطع التي يحكي فيها الشخص تجربته ويوثقها بشكل دقيق، أو المدونة بشكل عام «البلوق»، إذ يتخذ الأشخاص مواقع التواصل الاجتماعي مرآةً لهم، سواءً كثرت أم قلّت الكلمات، وذلك أمر جميل باعتبار أنها متاحة للجميع كخبرة حية قد تساعد أحدهم في اتخاذ قرار أو الاستزادة في موضوع ما.
في المقابل، نواجه بعض الأشخاص ممن يدلون بآراهم في كل موطن متاح وكل موضع لاح، دون أن يوجه لهم التساؤل الأشهر «مارأيك في..؟» فنجدهم في المجالس، واجتماعات العمل، وكل مكان محتمل، قد تكون آراؤهم نابعة من تجارب حقيقية إلا أنّ الفيصل كونها غير مطلوبة في ذلك الحين، أو غير ملائمة للحدث والموضوع، عندما تأتي تلك الآراء المهولة كأحاديث مجلس عابرة؛ لن تقع في موضعها السليم، وستمثل الصولات والجولات والبطولات الشخصية التي تمنى صاحبها أن يجد التقدير والثناء عليها، إذ يعرف الحكماء والفقهاء بآرائهم القيمة، إلا أنهم أقل الناس قولًا، ولا ينطقون إلا عند سؤالهم عن مسألة محددة، حينها يأتي الرأي السديد وتحل الحكمة في موضعها الحق، من خلال توافق الهدف مع المأمول وإصغاء المتلقي، إنه ليس من الضروري أن يكون لدى الشخص رأي في موضوع ما، فلا بأس أن يكون الشخص مستمعًا ومستمتعًا بوجهات النظر، نعم، هنالك من لديه رأي في كل شيء، ظنًا منه أنه سينال نظرات الإعجاب والتقدير عند الاستئثار بالحديث، إلا أنّ الأجدى أن يستمع الشخص في حال لم يكن لديه رأي راجح ومفيد، وفي حال طلب أحدهم رأيك في موضوع تجهله فكل ماعليك أن تقول: «لا أزال أُنمي رأيي في هذا الموضوع».
«هناك كلامٌ لايقول شيئا.. وهناك صمت يقولُ كلَّ شيء» -ويليام شكسبير.