: آخر تحديث

جدّي حنّا عند تغيير الأمم

12
10
10

ما يحصُل في منطقتِنا يشبه مسلسلات الـ "نيتفليكس". أحداثٌ ملؤها الـ Action  والـ Reaction. الأحداث تتسارع إلى درجةٍ لا يُمكن معها التنبّؤ بالخطوة التالية، ولا بتداعيات حدثٍ سبقَ الحدث الحالي. ما إن تقف لتحلّل حدثاً ما حتّى يُباغتكَ حدثٌ أقوى من الأوّل فيبدو ما حدثَ قبلاً باهتاً. الأسئلة كثيرة. ماذا بعد انتهاء عهد الرئيس الأسد؟ ماذا عن كلّ ما يتعلّق بحلفاء إيران في المنطقة وتحديداً في العراق واليمن؟ من كان المُستهدف في سوريّا؟ الأسد أم إيران؟ منذ منتصف أيلول وحتّى اليوم تغيّرت أمورٌ كثيرة لا مجال لتعدادها. هل سسننظر بعد ثلاثة أشهر إلى يومنا هذا ونقول إنّ ما حدث بين أيلول وكانون الأوّل كان لا شيء في مقابل ما سيحدث في الأيّام المقبلة؟ اللبنانيّون دائماً يجدون أنفسهم معنيّين بما يجري حولهم وهذا طبيعي. كلُّ ما حدث حتّى اليوم لم يكن لغالبيّة اللبنانيّين فيه أيُّ تأثير. إسرائيل وإيران والولايات المتّحدة وروسيّا وتركيا يلعبون في الملعب. نحن في أحسن أحوالنا متفرّجون وصلوا إلى "الماتش" متأخّرين. ليس لنا أيٌّ تأثير في ما يجري. حتّى حزب الله لم يكن له أيّ تأثير في ما جرى في سوريّا في الأيّام العشرة الأخيرة. متفرّجون نحن والطابة تنتقل من قدَمٍ إلى قَدم، وتنتقل معها السيطرة في الملعب من فريق إلى آخر. نحن نتأثّر بكلّ ما يجري من دون أن يكون لنا حتّى الآن أيّ تأثيرٍ. للمرّة الأولى فهمتُ بالشكل الكامل كلمات ردّدها جدّي حنّا في حرب الأيّام الستّة في الـ 1967. كان لي من العمر سبع سنوات، وكُنا جالسين كعائلة كبيرة على الشرفة. في كلّ بيوتات المصيطبة آنذاك كانت الشرفة (الفيرندا) وبركة مياه وياسمينة. نظر جدّي إلى والدي الّذي كان يحبّ الحديث السياسي حُبّاً كبيراً وقال مستنداً إلى القول الشعبي المأثور: "عند تغيير الأمم إحفظ راسك". اليوم تذكّرتُ كلامه كثيراً. عسى أن يحفظ لبنان رأسه في خضمّ كلّ ما يجري. لم نفعل ذلك في الماضي القريب. علّنا قد تعلّمنا ممّا حصل ويحصل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد