خالد بن حمد المالك
ما يجري في السودان الشقيق من قتال دام بين الجيش والدعم السريع ليس هو أقل من حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، مع الفارق بأن الحرب في غزة والضفة ولبنان هي أمام عدو قاتل، بينما الحرب في السودان هي بين أبناء البلد الواحد.
* *
حرب السودان، وصلت إلى مراحل متقدمة لم يعد تجاهلها أو الصمت عنها مقبولاً، أو أن التسامح فيها مبرراً، أمام هذه الأعداد التي تقتل يومياً بدم بارد، ويُهجَّر الناس، وتُهدم منازلهم، وتُعطَّل التنمية، وينهار الاقتصاد، ويتم بسببها فقدان الأمن، والممارسات اللا إنسانية واللا أخلاقية، وليس هناك -مع الأسف- من قانون دولي يحمي البلاد وسكانها من هذا الجنون في هذه الحرب.
* *
والمؤسف أنه لا يوجد حكماء وعقلاء في السودان لديهم القدرة على منع هذا التصعيد في هذه الحرب، ومنع استمرارها، ومحاكمة من كان سبباً بها، أو تورط فيها، أو مارس أعمالاً مضرة بالدولة والشعب، أو امتنع عن كل خيارات الحل السلمي لها، بما يجعله عرضة للمحاسبة، وتجريم أفعاله.
* *
والمؤسف أكثر أنه لا يوجد بصيص أمل في حل قريب يحمي السودان من هذا العبث، ويجنِّب شعبه هذا القتل المبرمج، دون وازع من ضمير، أو شعور بالمسؤولية، أو خوف من العقاب، إلى درجة أن السودان الآن لم يعد على لائحة الاهتمام الدولي، بعد أن انشغل العالم بمتابعة الإبادة التي تمارسها إسرائيل في حربها في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، ومتابعة الحرب الروسية-الأوكرانية.
* *
لقد كتبنا وكتب غيرنا نناشد الطرفين، بالجلوس على طاولة واحدة وحل المشاكل ودياً وبالحوار، ونادينا ونادى غيرنا بضرورة اصطفاف الجانبين نحو ما تم في جدة من قرارات، باعتبار أن نتائج المباحثات التي تمت في جدة هي المخرج الوحيد حتى الآن للخروج من نفق القتال الذي لن يضيف للسودان وشعبه إلا المزيد من المآسي إذا ما استمر على نحو ما نراه الآن.
* *
وعلى الدول التي تتدخل من الخارج، وتغذِّي الطرفين أو أحدهما بالسلاح والمال أن تتوقف، حتى لا تزيد الجراح، وتقوِّي الانقسامات، وتوسِّع دائرة العنف، بلا مكاسب لهذه الدول يمكن أن تحققها من تدخلها، وفي المقابل فهي بتدخلها إنما تلحق الضرر بالسودانيين وبالسودان، دون مصلحة لها.
* *
نتمنى أن يهتم العالم بالسودان، ولا تشغله حرب أوكرانيا وروسيا وإسرائيل وقطاع غزة والضفة الغربية ولبنان عن الاهتمام بالسودان، ليكون البحث الجدي عن حل دائم يوقف نزيف الدم بين الأشقاء السودانيين، حتى ولو تم هذا الحل من خلال استخدام القوة الدولية، إذا ما فشل الحل بالحوار والتفاهم الودي بين الجانبين.