: آخر تحديث

عمر العيد.. العالم الزاهد والعابد المحسن

13
12
12

عبده الأسمري

ما بين هجوع «المتقين» وخشوع «القائمين» بنى صروح «التقوى» على أسس راسية من «اليقين» متخذا من «خبيئة» الاحتساب سراً للأجر وجهراً للجبر في متون من «الجد» وشؤون من «الزهد» شكلت دهرين من السمعة، أحدهما للأثر والآخر للمآثر.

امتلك «نفس» العالم النقية و»روح» الزاهد التقية التي شكلتا له «جاذبية» الود من طالب العلم و»كيميائية» التواد من متلقي الدرس، فكان «المتفق» عليه في جميل «الصيت» و»المشفوع» له بنبيل «الصدى» في «فضائل» الدعوة الى الله و»مكارم» القرب من الناس.

كان حضوره في «حلقات» الدروس مناسبة استثنائية بما وظفه من معارف جلية وما سخره من أخلاق متجلية في «سيرة» تكللت بصفاء النوايا وتجللت بسخاء العطايا التي ترسخت في «شواهد» الفضل وتأصلت في «مشاهد» النبل.

إنه الداعية المعروف الشيخ الدكتور عمر بن سعود العيد - رحمه الله- أحد ابرز العلماء ووجوه العلم الشرعي في الوطن والعالم الإسلامي.

بوجه نجدي ندي مسكون بزهد العلماء وتواضع الفقهاء وتقاسيم مألوفة يسطع منها ضياء «الإيمان» ويتجلى وسطها بهاء «التدين» تتماثل مع أسرته «الشهيرة» بالمروءة وتتقاطع مع عائلته «المشهورة» بالشهامة وعينان تسطعان بنظرات الإنصات ولمحات الوقار وأناقة وطنية تتكامل في هندام يفوح بعود «الطهر» وعطر «المقام» وشخصية وسطية «التوجه» عميقة» الوجاهة» عالية» التواضع» راقية «الوصال» جميلة «القول» أنيقة» اللفظ» وعبارات مشفوعة بفصاحة القول وحصافة «البيان» تستند على» أصول» راسخة من العلم الشرعي وتتعمد على فصول مؤصلة من النفع الديني قوامها «عمق» التخصص ومقامها» أفق الاختصاص مع مخزون عميق من الخبرة الاكاديمية ومكنون شيق من المسيرة الدعوية.

قضى العيد من عمره «عقود» وهو يصدح بأقوال السلف ويعزز أفعال الخلف ويبهج أنظار المتبصرين بجمال الشرع ويغذي أفئدة المتأملين برونق «الدين» ويعطر آذان السامعين بفوائد «الالتزام» ويوظف «الفقه» في طرائق «الإرشاد» وينشر «التوحيد» في آفاق «السداد» ويؤصل «التفسير» في أعماق «المسائل» ويبرز «الحديث» في افاق «الرسائل» داعياً الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وساعياً الى الإحسان بالفضيلة وماضياً الى الحسنى بدواعي «النصح» ومساعي «التوجيه» أكاديمياً وخطيباً ومحاضراً وأستاذاً وخبيراً ورجل علم وقامة فكر وأنموذج اقتداء، حفر اسمه في سجلات «النفع» وأبقى ذكره في معالم «الشفع» .

في الرياض الباذخة بتخريج «العلماء والوجهاء والفضلاء» من أهل العلوم ومن خاصة المعرفة ولد في يوم «مشهود» اكتظت ساعاته بالبركة بعد قدوم «فارس» لأسرة «العيد» وأكتمل «الفرح» بدراً في حضور والديه اللذين اطلقا عليه أسم «عمر» تيمناً بجمال المقدم وجميل القدوم.

تفتحت عيناه على أب كريم علمه «ماهية» التربية سراً وجهراً وأم حانية ملأت قلبه بالحب والعطف وظل ينتهل من معين رعاية والديه «العواطف» الأولى التي تسربت الى أعماق قلبه وصعد بها الى «معارج» البر الذي تعلم منه معالم «الانضباط» المبكر.

ركض العيد في دروب «مثالية» جعلته «ثاوياً» في مسارات «مبهجة» من الرقي أكملها بنبوغ باكر تحول ليكون «حديث «الحي الزاخر بنبوءات الحكماء الذي توقعوا له مستقبلاً زاهراً بالازدهار.

ظل العيد مرافقاً لوالده ومضى يسجل في ذاكرته «الغضة» تلك الدروس الدينية التي حفظها كمناهج «إجبارية» لاجتياز اختبارات الوفاء بنصائح الأبوة التي أنارت له «محطات» عمر لاحقة وأوصلته الى «منصات» المعروف المتوقع وقابلها بإضاءات «العرفان» المؤكد.

تعتفت نفسه بنفائس «الدرر» الإيمانية التي غرست في روحه بذور «الصلاح» والتي حصد ثمارها في مقتبل العمر وجنى حصادها على مرأى البصر.

أنصت العيد صغيراً لنداء «الاحتذاء» الذي دوى في عمق فؤاده فتأثر صغيراً بكنوز «الفتوى» في إجابات الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وبجواهر «الورع» في اقوال الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله وبأضواء «التأليف» في مؤلفات الشيخ عبدالله بن جبرين - رحمه الله.

تماثلت طفولته ما بين «اضاءات» السكينة التي غمرت وجدانه بتدين باكر جعلته من «عمار المساجد» و»أهل الجوامع» حيث أعتاد أن يقضي يومه محفوفاً بسمو حلقات «تحفيظ القرآن الكريم» التي أنارت طريق شبابه بمشاعل» الطمأنينة» وقناديل «الروحانية» انخطف صغيراً إلى تلك «الألحان» السماوية التي عطرت أسماعه بآيات الذكر الحكيم والتي ظل يبحث عن مدلولاتها في مكتبات «الرياض» باحثاً عن «إجابات» النباغة وأسرار البلاغة في مناهج الشريعة الإسلامية الأمر الذي دعاه الى تحويل «بوصلة» امنياته شطر «أهل العلم» فكان ابن باز شيخه الأقرب الذي اقتبس منه «ضياء» السيرة وتعلم منه «أمضاء» المسيرة.

التحق بالتعليم العام حيث درس المرحلة المتوسطة والثانوية بمعهد إمام الدعوة بالرياض ثم التحق بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتخرج منها وعمل بها معيداً، ثم محاضراً ثم أستاذاً، حيث حصل على الماجستير والدكتوراه بتميز وله عدة عضويات ومنها عضويته في رابطة العالم الإسلامي، وتتلمذ على جهابذة العلم الشرعي من العلماء والفقهاء وقد تخرج من مدرسته «الفريدة» في الوسطية والاعتدال والعلم المبارك مئات طلاب العلم من كل مناطق السعودية..

وللشيخ العيد الكثير من المشاركات والدروس والمحاضرات في الكثير من المساجد والجوامع في كل مناطق السعودية وله العديد من الأشرطة والمقاطع المسجلة والمحاضرات المتميزة في الموضوعات الشرعية المختلفة.

محطات «ساطعة» بالأخلاق الحسنة والفضائل المبهجة والمحاضرات القيمة التي وزعها ببذخ بروح الموجه وبوح الخطيب، والتي قطف ثمارها «طلاب العلم» وكانت بمثابة «الكنز» الممتلئ» بالفوائد والعوائد.

أكمل خطواته «الواثبة» على درب «الابتلاء» ما بين مثابرة واجه بها «مصاعب» المرض ومصابرة حارب بها «متاعب» الداء، فكان «الصابر» المحتسب الذي لم يفتر عن الذكر والشكر و»المؤمن القوي الذي لم يتوقف عن التفكر والتذكير.

انتقل العيد الى رحمة الله تعالى يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024، الموافق 15 ربيع الأول عام 1446 عن عمر ناهز 68 عامًا بعد صراع مع المرض وتناقلت منصات التواصل الاجتماعي والصحف المحلية والعربية «النبأ» واصفة الخبر برحيل «علم» من أعلام الدعوة وركن من أركان «العلم»، وقد نعاه الفقهاء والعلماء والوجهاء وتلامذته وطلابه وأحبابه من كل أرجاء «الوطن» ومن خارجه، واقترنت عبارات التعازي والمواساة بمآثر ومحاسن الفقيد التي ملأت أفق الاستذكار في اتجاهات «السمع والبصر».

الشيخ الفاضل عمر بن سعود العيد - رحمه الله- العالم الزاهد والعابد القدوة وجه «الدعوة» الأصيل الفضيل صاحب السيرة العطرة بالإيمان والمسيرة العاطرة بالإحسان.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.