مناخ السلام العالمي تقهقر وتراجع مهزوماً إلى الوراء ورفض التقدم في مجال غابت فيه الحيادية بكل مفاهيمها لكن رغم ذلك غزة لا تقتل.
نتنياهو خلال خطابه بالدورة الـ79 للجمعية العامة في الأمم المتحدة لم يكن مسموعاً وسط انسحاب وفود دبلوماسية، ظهرت هذه المشاهد في كل وكالات الأخبار العالمية لما يسبق كلمته من خلو لمقاعد غالبية الوفود، وذلك نتيجة حتمية لأن إسرائيل لا تؤمن بالتعايش السلمي، ولم تسعَ يوماً إلى السلام، وبذلت كل سبل القتل الوحشي وفق خطر التصعيد المتواصل، وباعتماد استراتيجية نتنياهو المفعمة بالتهديد المستمر، وسياسة الانتقام الشامل مع التقدم في أسلحة الحرب.
وقف القتال في غزة هو الأمر الرئيس بل هو الجزء الأكبر من بناء السلام، حيث يمكن التعامل معه بشكل أكثر فعالية من خلال طرق مختلفة لمنع العنف على مستويات مختلفة، وتعزيز إمكانيات السلام في غزة ولبنان وفي جميع أنحاء العالم، حيث إن السلام لا يعني ببساطة غياب الصراع؛ بل الاتجاه للحوار وتعزيز البدائل السلمية دون القتال المسلح.
لا شك أن إسرائيل تسعى للمصالحة التاريخية التي تحلم بها من خلال تحقيق إقامة علاقات طبيعية، لكن ذلك الحلم بات بعيداً للغاية، فكلمة وزير الخارجية التي أعلن فيها باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين عن إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، الذي جاء على إثر الحرب على غزة التي تسببت في نشوء كارثة إنسانية، إلى جانب الانتهاكات الخطيرة التي تقوم بها قوة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، وتهديد المسجد الأقصى الشريف والمقدسات الدينية، تكريساً لسياسة الاحتلال والتطرف العنيف لأن الدفاع عن النفس لا يمكن أن يبرر قتل عشرات الآلاف من المدنيين وممارسة التدمير الممنهج، والتهجير القسري، واستخدام التجويع كأداة للحرب، والتحريض والتجريد من الإنسانية، والتعذيب الممنهج بأبشع صوره لتعدد طرق العنف الإنساني والانتهاكات وغيرها من الجرائم الموثقة وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
تل أبيب ما زالت تواصل بما وصفه خبراء الأمم المتحدة أنه «حرب إبادة جماعية» على غزة لمدة عام تقريباً، مما أسفر عن مقتل أكثر من 41500 فلسطيني، وشنت هذا الأسبوع أكبر حملة قصف على لبنان منذ ما يقرب من 20 عاماً مما أسفر عن مقتل أكثر من 700 شخص.