حمود أبو طالب
قبل فترة نشرت وسائل الإعلام خبراً عن نتيجة دراسة توضح ترتيب ثقة الشعوب في حكوماتها استناداً إلى عدد من المعايير الموضوعية التي اعتمدتها الدراسة، وكانت النتيجة أن الشعب السعودي ضمن أكثر الشعوب ثقة في دولته، بل من أولها. بإمكانكم العودة إلى الخبر وقراءة تفاصيله، لكني سأقول هنا أن من أهم أسباب تلك النتيجة هي ثقة الشعب، أي شعب، بأن دولته تحارب التقصير والإهمال في الخدمات المقدمة له، وتحاسب المتسببين في ذلك بحزم وحسم، وبشفافية عالية في المعلومات التي تتوصل لها لجان التحقيق.
عندما وقعت حادثة انقطاع الكهرباء عن محافظة شرورة كتبت مقالاً طالبت فيه بضرورة إجراء تحقيق سريع في الأسباب والقرارات التي ستتخذ وإعلان النتائج للمجتمع، كتبت وأنا متأكد أن ذلك سيحدث دون تباطؤ وفقاً لمعطيات ومعايير المرحلة التي نعيشها الآن، وفعلاً تم عقد اجتماع طارئ لمجلس إدارة الهيئة السعودية لتنظيم الكهرباء برئاسة وزير الطاقة ورئيس مجلس إدارة الهيئة سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وبعد الاجتماع تم إصدار بيان لتوضيح أن نتائج التحقيق والإجراءات المتخذة سوف تعلن في أقرب وقت، حدث ذلك بعد الاعتذار للمتضررين وتعويضهم فور حدوث الانقطاع.
يوم قبل أمس، الأحد، صدر بيان بما توصل إليه التحقيق والإجراءات التي تم اتخاذها بلغة واضحة وشفافة بيّنت الأسباب التي أدّت إلى الحادثة، وإعفاء أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة وثلاثة من المديرين من مناصبهم القيادية في الشركة؛ بسبب ما حصل منهم من تقصير وإهمال في أداء التزاماتهم المتعلقة بالأعمال الموكلة لهم. والأهم من ذلك تأكيد الهيئة على «الاستمرار في متابعة التحقق من جاهزية جميع محطات التوليد وشبكات نقل الكهرباء وتوزيعها في جميع مناطق المملكة بالاستعانة بمكاتب استشارية فنية مستقلة بالتنسيق مع الهيئة وتحت إشرافها، ومتابعة تنفيذ التوصيات الناتجة من مراجعة خطة الشركة لفصل صيف (2024م) لجميع مناطق المملكة، واعتماد تنفيذ الإجراءات اللازمة لمعالجة أي قصور في تقديم الخدمة الكهربائية، مع تأكيد المجلس على محاسبة المقصرين وإيقاع الجزاءات وفق أنظمة الشركة ولوائحها».
باختصار، حدث تقصير وإهمال، لكن الجهة المسؤولة بادرت فوراً للوقوف على أسبابه ومحاسبة المتسببين فيه، وأكدت أنها اتخذت الإجراءات الكفيلة بعدم حدوثه مستقبلاً في أي مكان بتلك الصورة التي حدث بها. عندما تصبح جهة مسؤولة عن إحدى الخدمات الأساسية في حالة طوارئ وانعقاد دائم برئاسة المسؤول الأول عنها، وتقف على الأسباب الجوهرية للخلل والتقصير والإهمال، وتعالج تلك الأسباب وتحاسب المسؤولين عنها، فذلك من أدعى وأهم أسباب الثقة في دولتنا.
أفيقوا يا بعض المسؤولين المتهاونين بواجباتكم، فلن ينجو أحد منكم.