في خطوة تنظيمية لموسم الحج، ضمن الخطط الأمنية التي تكفل نجاح الحج وحماية حقوق الحجاج النظاميين وتمكينهم من أداء حج آمن ونظامي، أطلقت وزارة الداخلية في موسم حج هذا العام 1445 (2024) حملة بعنوان "لا حج بلا تصريح"، والتي هَدفت في المقام الأول إلي توعية المواطنين والمقيمين وزوار المملكة إلى أن أنظمة الحج، التي لم تسمح بأي حال من الأحوال الدخول إلى العاصمة المقدسة إلاّ بتصريح، حيث كان جميع الحجاج مطالبين -المحليين من المواطنين والمقيمين، بما في ذلك حجاج الخارج- باستخراج تصريح للحج.
لعله من المهم جداً الإشارة إلى أن السماح بأداء ركن الحج الإسلامي يحتم ضرورة حصول الحاج على تصريح لم تفرضه الحكومة السعودية من باب العبث أو بغرض منع المسلمين من أداء الركن الإسلامي الخامس والنسك المرتبطة به، بقدر ما تسعى الدولة من خلال ذلك بكافة أجهزتها الأمنية والصحية والدينية إلى وضع تنظيم ليكون الحج دائماً "حجاً آمناً"، وبحيث يؤدي الحجاج فريضة الحج بيسر وسهولة وطمأنينة.
حملة "لا حج بلا تصريح"، حققت الكثير من أهدافها رغم مخالفة البعض لها من الذين طبقت في حقهم العقوبات المنصوص عليها والبالغ عددهم من غير المقيمين بمكة المكرمة حسب إحصائية (250) ألف شخص، و160 حملة وهمية، إضافةً إلى إصدار قرارات إدارية بحق (119) قاموا بنقل (567) مخالفًا ليس لديهم تصريح بالحج.
العقيد طلال بن عبدالمحسن بن شلهوب -المتحدث الأمني لوزارة الداخلية-، أكد على نجاح الخطط الأمنية في حج هذا العام، والتي تم العمل عليها من وقت مبكر، وفق توجيهات القيادة الرشيدة -أيدها الله- وبمتابعة وإشراف من سمو وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، لافتاً في مداخلة له مع قناة العربية، إلى أن نجاح الخطط الأمنية دليل على تكامل الجهود بين الجهات الأمنية والعسكرية والأجهزة الحكومية المعنية بالحج كافة في خدمة ضيوف الرحمن وسلامتهم ليؤدوا مناسكهم بسكينة وطمأنينة.
إن مخالفة تعليمات "لا حج بلا تصريح" كانت أحد الأسباب الرئيسية في عدد الوفيات التي بلغ قرابة (1079) ممن لا يحملون تصريح الحج، وهو ما يعادل نسبة 83 % من إجمالي الوفيات خلال موسم الحج والبالغ عددهم (1301)، والتي كان المتسبب فيها استغلال بعض الشركات بمواطن المتوفين بإصدار تأشيرات زيارة بمختلف أنواعها وتأشيرات غير مخصصة للحج.
أوضح العقيد بن شلهوب أن هناك شركات سياحية في عددٍ من الدول الشقيقة أسهمت في التغرير بحاملي تأشيرات الزيارة بأنواعها، وقامت بمنحهم تأشيرات غير مخصصة للحج، وشجعتهم على مخالفة الأنظمة والتحايل عليها.
هذا التحايل بطبيعة الحال، تسبب في صعوبة التعرف على أماكن الحجاج المخالفين والوصول إليهم بسهولة، بما في ذلك تقديم لهم الرعاية والخدمات التي يتمتع بها الحجاج النظامون.
ببيان صادر عن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، تم التأكيد من خلاله، أن الالتزام باستخراج تصريح الحج والتزام قاصدي المشاعر المقدسة، يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا، حيث جاءت الشريعة بتحسين المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها، وأنه لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح، ويأثم فاعله، ومن لم يتمكن من استخراج التصريح فإنه في حكم عدم المستطيع.
وأضافت الهيئة بيبانها بأن الالتزام باستخراج تصريح الحج والتزام قاصدي المشاعر المقدسة بذلك يتفق والمصلحة المطلوبة شرعاً، ذلك أن الجهات الحكومية المعنية بتنظيم الحج ترسم خطة موسم الحج بجوانبها المتعددة، الأمنية، والصحية، والإيواء والإعاشة، والخدمات الأخرى، وفق الأعداد المصرح لها، وكلما كان عدد الحجاج متوافقًا مع المصرح لهم كان ذلك محققًا لجودة الخدمات التي تقدم للحجاج، ويدفع مفاسد عظيمة من الافتراش في الطرقات الذي يعيق تنقلاتهم وتفويجهم وتقليل مخاطر الازدحام والتدافع المؤدية إلى التهلكة.
أخلص القول، إن الأنظمة والتعليمات التي وضعت بالحج، والتي من بينها "لا حج بلا تصريح"، هدفت إلى حسن ترتيب استقبال الحجاج والعمار والزوار، وتنظيم حركتهم وتنقلاتهم كي يؤدوا مناسكهم بكل يسر وسكينة وسلامة وأمان، منذ وصولهم إلى الحرمين الشريفين حتى مغادرتهم سالمين غانمين إلى بلادهم، وليس بغرض منعهم أو التقييد عليهم بوضع العراقيل أمامهم، سيما وأن المملكة لم تِدِخر جهداً ولا مالاً ولا تنظيماً، لتحقيق غايات عليا لخدمة الإسلام والمسلمين، والحرمين الشريفين وقاصديهما.