يتوقف المتابع الثقافي لأنشطة وفعاليات مكتبة محمد بن راشد عند الكثير من البرامج الدورية الشهرية والأسبوعية التي تنظمها المكتبة التي باتت اليوم مركزاً ثقافياً حيوياً يلبي الحاجات المعرفية والأدبية والإبداعية لمختلف شرائح المجتمع القارئة بتخصص والقارئة بشكل تنوّعي عام.
يلفت النظر في فعاليات مكتبة محمد بن راشد ربط الاقتصاد وشخصياته الإدارية والمهنية بالثقافة والفن والأدب والتاريخ، وهي منظومة فكرية ومعرفية تقع في أولويات المكتبة، ونحن فعلاً في حاجة إلى هذا الجسر الثقافي بين ثقافة الإنتاج والتنمية والإدارة وبين الآداب والفكر والفنون. وفي هذا السياق تستضيف المكتبة نخباً اقتصادية تطرح أمام جمهور المكتبة تاريخها المهني العصامي دائماً، ويتاح لقارئ الكتب أن يتعرّف على الجوانب الثقافية عند الشخصيات الاقتصاديّة، وبعض هذه الشخصيات يكتب الأدب: الشعر أو الرواية، والبعض يكتب في التاريخ والتوثيق، ولعلّ الشاعر سلطان بن علي العويس أحد أبرز الأمثلة الإماراتية والعربية بشأن العلاقة الجميلة بين الاقتصاد والأدب.
مكتبة محمد بن راشد تفتح جسر التواصل والحوار بين الثقافة الأدبية، والثقافية الاقتصادية في هذا المجال ومن خلال برنامج ربما هو الأول من نوعه من حيث الفكرة والتنفيذ، فالمثقف، عادة، يبحث عن شبيه ذاته عند رجل المال والأعمال، والأمثلة كثيرة في المحيط العربي والعالمي بشأن اقتصاديين مرموقين كتبوا مذكراتهم، أو أسهموا في إنشاء مراكز بحوث ودراسات، ودعموا الثقافة ومؤسسات صناعة الإبداع.
النقطة الثانية المهمّة تتمثل في استعادة المكتبة لرموز الأدب الكبار عربياً وعالمياً، وخلال يوليو/تموز الجاري تنظم المكتبة قراءات استعادية للكاتب التشيكي فرانز كافكا (١٨٨٣-١٩٢٤)، وهو كما يعرف قرّاء الأدب ظاهرة قصصية وروائية في العالم، وعرفه العرب منقولاً إلى لغتهم المرنة عادة في الترجمة، ومن رواياته الأشهر «المسخ»، وظهرت في العام ١٩١٥.
المكتبة في دبي فضاء قرائي مفتوح لعشاق الكتب المتخصصين، وغير المتخصصين، غير أن اللافت هنا، مرة ثانية، أنها مكتبة فعاليات مجتمعية أيضاً محورها الثقافة، وذلك من حيث تنوّع هذه الفعاليات: من الجلسات الحوارية، إلى ورشات العمل الإبداعية، إلى أمسيات الشعر والنثر، إلى الفضاءات الموسيقية، وورشات القراءة للأطفال وورشات الكتابة الإبداعية.
«بورتريه» مكتبة محمد بن راشد يتضمن في إطاره العام ثقافة القراءة في الإمارات، وتغذية هذه الثقافة بمشاريع عربية وعالمية، بدءاً بعشرية القراءة في الدولة (٢٠١٦-٢٠٢٦)، وتحدّي القراءة العربي، وشهر القراءة، ومعارض الكتب، وقطاع الترجمة والنشر والصناعات الإبداعية.
منظومة فكرية وفنية وأدبية واسعة المساحة، والأهم أنها ترتكز على رؤية الدولة للثقافة والآداب والفنون، وهي رؤية الحياة والإبداع والمستقبل.