شهد تاريخ السينما المصرية ظهور ثنائيات عديدة تعلق بها الجمهور ونجحت في حجز مقعد راسخ لها تحت الأضواء منها على سبيل المثال «ليلى مراد وأنور وجدي»، «شادية وكمال الشناوي»، «عماد حمدي وفاتن حمامة»، «فريد الأطرش وسامية جمال» «شويكار وفؤاد المهندس» و«هدى سلطان وفريد شوقي» وغيرها.
لكن تبقى الثنائية الكوميدية التي تكونت من الفنان فوزي الجزايرلي وإحسان الجزايرلي هي الأقدم، ولا سيما أن الجمهور اعتقد طويلاً أنهما زوجان، فيما كانت الحقيقة أنهما أب وابنته.
وهذه المعلومة تعمد فوزي إخفاءها عن الجمهور والصحافة كيلا تتأثر شعبيتهما. ومن هنا وصف الأول بأنه «الأب الذي تزوج ابنته»، في إشارة إلى أفلامهما التي كانا يتقمصان فيها دوماً دور زوجين يتناكفان ويخلقان المقالب ضد بعضهما البعض بطريقة فكاهية، وخصوصاً أن بدانة إحسان ساعدتها على أداء أدوار الزوجة النكدية المسيطرة.
ولد فوزي في 21 يوليو 1886، ورحل في 23 فبراير عام 1947، وحيداً وحزيناً ودون ضجيج، تحت تأثير وفاته ابنته إحسان في 28 سبتمبر 1943 إثر أزمة صحية وهي في الثامنة والثلاثين من عمرها (حيث إنها من مواليد 25 يونيو 1905).
كانت فرقة الجزايرلي المسرحية تعتمد كثيراً في أعمالها على جهود إحسان الفردية وذكائها وخفة ظلها وتمثيلها العفوي وأفيهاتها المبتكرة.
وهو ما استغله ابتداء المخرج المصري اليهودي «توغو مزراحي» حينما قدمها مع والدها فوزي في عدة أعمال سينمائية أهمها فيلم «المندوبان» في عام 1934، وفيلما «البحار» و«الدكتور فرحات» سنة 1935.
وفيلم «الفرسان الثلاثة» (1940). هذا علماً بأن فوزي نفسه استغل أيضاً مواهب ابنته، فظهرا معاً في 11 فيلماً، أديا فيها دور الثنائي «المعلم بحبح» وزوجته «أم أحمد»، وأخرج معظمها ابنه «فؤاد الجزايرلي» (شقيق إحسان)، ومنها أفلام:
«المعلم بحبح» (1935)، «أبو ظريفة» (1936)، «مبروك» و«ليلة في العمر» (1937)، «بحبح باشا»، و«خلف الحبايب» (1939)، «الباشمقاول» (1940)، «الستات في خطر» (1942). لذا فإنه برحيل إحسان شعر والدها بأن ركناً أساسياً من أركان فرقته المسرحية وأفلامه السينمائية قد إنهار، فأصيب بالحزن والاكتئاب.
من القصص التي تروى عن هذا الثنائي الفريد، أن إحسان، التي تزوجت من الفنان محمد الديب في عام 1938، تعرضت في عام 1941 لحادثة سقوط من فوق المسرح، كانت قوية جداً بسبب بدانتها المفرطة، فتم علاجها بوضع الجبس على ساقها لمدة 3 أشهر.
وكي لا يتوقف عمل فرقتها المسرحية، استعان والدها بالفنانة ماري منيب لتحل مكانها، فنجحت الأخيرة نجاحاً باهراً، بل تفوقت على إحسان في الأداء، ما جعل فوزي الجزايرلي يطلب من ماري منيب أن تستمر في العمل، بينما تحايل على ابنته كي ترتاح لفترة أطول.
وهذا خلق مشاكل بين الفنانتين مصدرها الغيرة والحسد، إلى درجة أن إحسان خالفت نصائح والدها وذهبت إلى المسرح في إحدى الليالي ونزعت صورة ماري منيب ووضعت بدلاً منها إعلاناً على المدخل يفيد بعودتها إلى العمل من بعد غياب خارج القطر المصري. وبهذه الخطوة أنهت إحسان عمل ماري منيب في فرقة والدها، طبقاً لما كتبته صحيفة الأهرام في حينه.
ومن الطرائف الأخرى التي حدثت لفرقة الجزايرلي المسرحية أنها سافرت ذات مرة بكامل معداتها إلى إحدى مديريات الصعيد لتقديم أحد أعمالها وهناك وقعت ضحية لعملية نصب كان وراءها سكرتير المديرية.
وملخص القصة، طبقاً لصحيفة الشروق، أن الفرقة أرسلت دفاتر التذاكر إلى سكرتير المديرية لبيعها على الجمهور الغفير بمعرفته، لكن الأخير طمع في الأموال المتجمعة، ما جعله يلجأ إلى بناء «غرزة» للحشاشين بجوار مكان عمل الفرقة، ومن ثم إبلاغ الشرطة بأن فرقة الجزايرلي تتعاطى المخدرات.
حيث جاءت الشرطة وقبضت على بعض أعضاء الفرقة وفتشت حاجاتها ومعداتها. وبعد مفاوضات عسيرة بين الشرطة والجزايرلي تم الاتفاق على عدم التشهير بالفرقة مقابل التنازل عن كافة حقوقها المادية من عروضها هناك.