: آخر تحديث

انتفاضة الجامعات الأمريكية

11
10
11

في ضربة غير متوقعة لإسرائيل، انتفضت كبريات الجامعات الأمريكية، واتسعت رقعة الاحتجاجات فيها على استمرار المذبحة في غزة، وتواصُل الدعم الأمريكي لتل أبيب، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، ما شكّل صفعة للوبي الإسرائيلي الذي لم يتوانَ عن استخدام نفوذه لتغيير الرأي العام لمصلحته، وضخ مليارات الدولارات في سبيل ذلك، خصوصاً أن طلاب هذه الجامعات يُعدّون من النخب، ومنهم من سيصنع مستقبل سياسات الولايات المتحدة، وقد يخرج منهم من يتولى مواقع قيادية حساسة.

ثار جنون إسرائيل من هذه التحركات؛ لأنها تعني أن روايتها بالمظلومية أُصيبت بمقتل، وأن الادعاءات والسرديّات التي حاولت ترويجها على مدى العقود الماضية، قد نُسفت، وثبت كذبها، وعدم واقعيتها، مع شلال الدماء النازف في غزة، والقتل لأجل الانتقام فقط، بينما الضحايا هم نساء وأطفال، يُقتلون بأبشع صورة، بالسلاح الأمريكي؛ لذا فإن التظاهرات في أكثر من 75 جامعة عريقة على امتداد الولايات المتحدة، تشكل صدمة للإدارة الأمريكية الداعمة بلا حدود لإسرائيل، واللوبي المسيطر، خصوصاً مع هذا الجيل الشاب الذي خرج من قمقم الإعلام التقليدي، وأصبح يرى الحقيقة كما هي من دون رتوش؛ ما يؤكد أن حظوظ إسرائيل مع الشباب الأمريكي في تراجع ملموس، وهذا ستنعكس نتائجه على المديين، المتوسط والبعيد، بظهور انقلاب في السياسات قد تكون لمصلحة فلسطين عندما يتسيد جزء منهم صناعة القرار في بلادهم.

إسرائيل لم ترضَ بهذه الاحتجاجات؛ بل دعا نتنياهو صراحة، إلى التصدي للمتظاهرين، متهماً إدارات الجامعات بالفشل في إخماد الظواهر التي سمّاها «معادية للسامية»؛ حيث إن تصريحه هذا يُظهر عمق الأزمة التي تعانيها تل أبيب، على صعيد القبول العالمي، وأيضاً يُظهر أمريكا على أنها تابعة لها، حتى في شؤونها الداخلية، وما خروج أصوات في أمريكا للعلن إلا خير دليل على ذلك، فالداخل الأمريكي بات ممتعضاً من هذا التدخل، وما زاد الطين بلّة، لجوء العديد من الإدارات الجامعية، وبقبول من المستوى الرسمي على قمع الحراكات، وسحل واعتقال طلبة وأساتذة، لتُسحق كل المُثل الأمريكية التي تُسمى «حرية تعبير وديمقراطية»، كما سُحقت سابقاً روايتها القائمة على نصرة الشعوب المُكبّلة ب«الديكتاتوريات»، عندما مدت إسرائيل بالسلاح بلا حسيب ولا رقيب، لتمزق فيه أجساد الأطفال والنساء.

الحرب على غزة غيّرت الكثير من المفاهيم لدى الشعوب؛ إذ أكدت أن إسرائيل قائمة على التوحش، وأن العالم الداعم لها الذي يسمي نفسه ب«الحر» أسير لمصالحه، ولا يجد غضاضة في تمويل ودعم المذابح في سبيل المحافظة عليها، وأن الديمقراطية كذبة كبيرة، وفي المقابل، فإن الشعوب مهما غُيّبت فإنها لا بد أن تكون في صف المظلوم، وهذا ما كان في أمريكا، والكثير من الدول الأوروبية.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد