وقفنا على عتباته ولم نجد البهجة، نكاد نجزم أن كل من يحب مشاهدة الدراما انتظر مسلسل «عتبات البهجة» بلهفة حباً بالنجم الكبير يحيى الفخراني وثقة باختياراته لأعمال تتجاوز حدود الممتازة، وطبيعي أن يكون الشوق كبيراً بعد غياب الفخراني عن الدراما مدة عامين، لكن المسلسل لم يأت بحجم الشوق وبحجم التوقعات، ولم يرتو الجمهور، والأهم أنه لم يأت بالحجم الذي يليق بالكبير قيمة وموهبة يحيى الفخراني.
رواية الأديب إبراهيم عبد المجيد والتي صدرت بالعنوان نفسه عام 2005، كانت جاهزة ولا تحتاج إلا للمسات كي تتحول إلى دراما تلفزيونية، وطبيعي أن تتم إضافة أحداث لها تتناسب مع الزمن الحالي والإنترنت ومخاطر الصفحات والابتزاز الإلكتروني.. لكن ما حدث أننا شاهدنا دراما تشبه الرواية مع إضافة شخصيات وتفاصيل لم تأت على نفس مستوى الرواية ولم تخدم العمل؛ بل جعلت الجمهور ينصرف سريعاً عن متابعة العمل على الرغم من أنه ينتمي إلى أعمال ال 15 حلقة..
من حق الدكتور مدحت العدل الذي كتب المعالجة الدرامية وأشرف على ورشة كتابة السيناريو والحوار، الدفاع عن النص مؤكداً أن الإضافات التي تمت إنما جاءت لتقريب القصة من الزمن الحالي؛ لكن المشكلة أن ما شاهدناه دراما ضعيفة نصاً وإخراجاً، كما بدا واضحاً أننا نتابع قطعاً وكأنها مفككة، مشاهد متتالية، غابت عنها الروح الواحدة والتصعيد في الأحداث حتى الوصول إلى الذروة، تلك الذروة التي لم تصل إلا في الحلقتين الأخيرتين أو ربما الثلاث حلقات الأخيرة مع اكتشاف لغز حول شخصية فريد (خالد إيهاب) وسبب إصراره على زج عمر (خالد شباط) حفيد بهجت الأنصاري (يحيى الفخراني) في «الدارك ويب» والأعمال المشبوهة على الإنترنت..
الإيقاع البطيء الذي مشى به المخرج مجدي أبو عميرة ترك أثراً واضحاً على العمل، وزاده بطئاً وبروداً النص الخالي من أي تشويق يحث الجمهور على الرغبة في معرفة مجريات الأحداث والتلهف لمتابعتها يوماً بيوم. لم يكن كافياً وجود نجم بحجم يحيى الفخراني كي يسد كل الفراغات التي عابت المسلسل الذي لم يرتق إلى مستوى موهبته، ولم يتمكن وجود مجموعة من الممثلين حوله منهم النجوم ومنهم الشباب، من دفع العمل بقوة كي ينهض ويسابق ويفوز بقلوب الجمهور وينال إعجابه، صلاح عبدالله، جومانا مراد، صفاء الطوخي، وفاء صادق، سما إبراهيم..
ولم يكن كافياً الدمج بين الماضي والحاضر من جهة، حيث يدخل الجد السبعيني بهجت عالم الشباب ليتواصل معهم من خلال صفحته على السوشيال ميديا وحديثه المباشر معهم بعنوان «عتبات البهجة»، ولم يكن كافياً التمييز بين هدوء الزمن الجميل وجلسات الاستماع لغناء السيدة أم كلثوم ورقي الكلمات وملامستها المشاعر ومقارنتها بصخب العصر الحالي وأغاني الراب والمهرجانات والكلمات الخالية من المعاني.. مقتطفات جاء بها من تولى مهمة الكتابة ليشمل مختلف مشاكل العصر الحالي دون أن يتعمق في أي منها ودون أن يلامس مشاعرنا فنتعاطف ولو قليلاً مع الشخصيات أو نخاف عليها!.