كانت لحظات مفعمة بالفخر عشتها وعايشتها عن قرب، من خلال المشاركة في مؤتمر «مبادرة القدرات البشرية»، تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، هذا المؤتمر العالمي الأول من نوعه في تنمية القدرات البشرية، بمشاركة عالمية غير مسبوقة.
لم أكن مبالغاً عندما أطلقت عليه «الإنسانية تتجلى في أسمى صورها بالمملكة»، لقد استمعت لفكر وآراء المشاركين العالميين، وكيف ينظرون لبلادنا؟ كيف لبيكي أندرسون مذيعة سي إن إن الأمريكية أن تتغزل في الطموحات التي تستعد لها المملكة وتعمل عليها، وأقتبس منها: «تستعد المملكة لرؤية 2030، وإكسبو، وكأس العالم 2034م، ومشروعات عملاقة، وتنمية للقدرات البشرية؛ لتصبح مؤهلة لتلك الطموحات».
إذا كان المؤتمر يبحث التحديات التي تواجه القوى العاملة في العالم، التي أكد عليها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الطاقة، في المؤتمر، محذراً ومنبهاً العالم كله، أن نسبة مشاركة المرأة في قطاع الطاقة في دول العالم لا تتجاوز 15 %، وما أكده معالي وزير التعليم يوسف البنيان أن أكثر من 40 % من مهارات سوق العمل تتعرض لتغيير فوري في السنوات القادمة لوجود الذكاء الاصطناعي والتقدم التقني، وأن الذكاء الاصطناعي سيكون مسؤولاً عن صياغة 70 % من ممارسات الأعمال عالمياً، وكذلك خبراء من دول العالم الذين أكدوا على تلك التحديات، لذلك كان المؤتمر الذي يدق ناقوس الخطر، داعياً للتعاون الدولي للاهتمام بقيم الإنسانية التي تتمثل في التعليم والتدريب والتأهيل والاستثمار الفاعل في القوى البشرية، لأنهم أساس التقدم، وإحداث ثورة صناعية اقتصادية تقنية.
يبقى المؤتمر نقطة فاصلة ومرحلة جديدة في الاستثمار البشري، الذي تؤكد عليه الدكتورة إيناس العيسى رئيس جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، التي ترى أن الإنسانية هي أعظم موارد المملكة، هذا الفكر الذي يؤكد أن التعليم هو أساس بناء المستقبل الآمن، والاستثمار في القوى البشرية استراتيجية قائمة بالفعل في المملكة وفق رؤيتها الطموحة، مع مشاركة دول العالم للاستفادة من الأفكار الجديدة والتقنيات الحديثة في التعليم بمراحله المبكرة، وصولاً إلى آفاق تعليم وتعلم لا تنتهي، فبتلك المقومات تُبنى الشخصية وتصقل مهاراتها؛ لتصبح قوى العالم ملائمة للمستقبل وما يفرزه من مهن ووظائف مبتكرة، فالعلم والعمل لم تعد تحدهما حدود، لأن العالم منفتح على بعضه بعض، كل ينهل من خبرات وآراء وتجارب الآخر، مع احتفاظ كل مجتمع بقيمه وثقافته وتراثه، مع تطوير تلك المهارات لتتناسب ومقومات كل بلد وثرواته، ورؤاه للمستقبل.
إن ما شاهدته عن قرب في هذا المؤتمر، وكل ما تم طرحه من أفكار رأيتها جميعها تصب في نهر واحد، مصدره الاستثمار في الإنسانية، وجعل القوى البشرية أمانة في عنق المنظمات الحكومية والخاصة والقطاعات غير الربحية، فقد توافق العالم على أن الاستثمار البشري أساس لكل تقدم واستقرار وسلام وأمن وازدهار، وقدرة على استشراف المستقبل بأهم مقومات لدينا، وهي الثروة البشرية، الإنسانية يا كرام.