: آخر تحديث

مخرجو السينما المصرية

24
22
22
مواضيع ذات صلة

يمكن تصنيف المخرج رضوان الكاشف ضمن مخرجي الجيل الرابع من مخرجي السينما المصرية، وأيضًا ضمن ورثة الجيل الثاني من المخرجين الواقعيين الذين مثلهم خيري بشارة ومحمد خان وداوود عبدالسيد وعاطف الطيب.

ولد الكاشف في السادس من أغسطس 1952 في حي السيدة زينب القاهري ابنا لعائلة صعيدية من محافظة سوهاج انتقلت من الأخيرة إلى القاهرة، حيث درس رضوان حتى نال من جامعتها ليسانس الآداب ــ قسم الفلسفة في عام 1978، ليقوم بعد ذلك بالالتحاق بالمعهد العالي للسينما حتى تخرجه منه بالمرتبة الأولى على دفعته في سنة 1984. وفي أثناء دراسته بالمعهد أخرج، كمشروع تخرج، الفيلم الروائي القصير «الجنوبية» والذي حاز في عام 1988 على جائزة العمل الأول من وزارة الثقافة المصرية. ويذكر أنه إشترك في ما أطلق عليه «انتفاضة الخبز» سنة 1977 زمن الرئيس أنور السادات فتم اعتقاله، ثم اعتقل مجددا في عام 1981 ضمن من تم القبض عليهم آنذاك من المثقفين المعارضين لنظام السادات.

بدأ مخرجنا مسيرته المهنية بالعمل كمساعد مخرج لكل من رأفت الميهي وعلاء محجوب ويسري نصرالله ووحيد مخيمر وشريف عرفة في عدد من الأفلام مثل: «عشماوي» (1987) لعلاء محجوب، و«سمك لبن تمر هندي» (1988) لرأفت الميهي، و«سرقات صيفية» (1988) ليسري نصر الله، و«الفأس في الرأس» (1991) لوحيد مخيمر، و«سمع هس» (1991) لشريف عرفة.

وفي عام 1993 بدأ رحلته كمخرج مستقل بإخراج أول أعماله والذي تمثل بالفيلم الدرامي «ليه يا بنفسج» من بطولة فاروق الفيشاوي ولوسي ونجاح الموجي وحسن حسني وأشرف عبدالباقي، عن حياة المهمشين وواقعهم الصعب الذي يجبرهم على ارتكاب أعمال غير مشروعة، علما بأن هذا الفيلم تم تصنيفه في المركز 55 ضمن أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، كما أنه حصل في عام 1993 على جائزة أحسن فيلم من مهرجان السينما العربية بباريس، ونال في عام 1994 على جائزة أحسن فيلم من مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما.

وفي عام 1996 أخرج فيلمه الثاني وكان من تأليفه وهو «عرق البلح» من بطولة شريهان وعبلة كامل وحمدي أحمد ومحمد نجاتي وجمال إسماعيل، عن أحداث مسرحها قرية صغيرة في الصعيد يعيش أهلها في فقر مدقع، ثم يأتيهم رجل غريب يدعو الناس إلى السفر للعمل بدول الخليج، فيسافر الرجال عدا الجد العجوز وحفيده ومعهما نساء القرية. وهذا العمل كان أيضًا متميزًا بدليل تصنيفه في المرتبة 18 في قائمة أفضل مائة فيلم مصري حسب استفتاء الجمهور، ثم بدليل حصوله على الجائزة الفضية في مهرجان قرطاج، وفوزه بجائزتين سنة 1999 من مهرجان السينما الفرانكفونية في بلجيكا.

واصل الكاشف بعد ذلك ابداعاته وأعماله الاستثنائية التي وصفت بالواقعية القاسية، وأحيانا بالواقعية السحرية، فأخرج في عام 2000 آخر أعماله وهو فيلم «الساحر» الدرامي/‏الكوميدي من بطولة محمود عبدالعزيز وسلوى خطاب وجميل راتب ومنة شلبي. وتدور أحداثه في حي مصر القديمة، حيث يعيش «الساحر» منصور بهجت (محمود عبدالعزيز) مع ابنته نور (منة شلبي) وتقتحم حياته سيدة مطلقة تدعى «شوقية» (سلوى خطاب) جاءت مع ابنها حمودة (سري النجار) المصاب بورم في المخ.

وقد ذهب مخرجنا بهذا الفيلم إلى مدينة روتردام الهولندية للإشتراك به في مهرجان روتردام السينمائي سنة 2002، بعد أن حقق من الإيرادات أكثر من مليوني جنيه، فلم يحالفه الحظ بأي جائزة من جوائز المهرجان. وبعد عودته من هناك، وتحديدًا في الخامس من يونيو 2002، لفظ أنفاسه الأخيرة على إثر أزمة قلبية مفاجئة عن عمر ناهز الخمسين عامًا، فشيعت جنازته من مسجد رابعة العدوية بالقاهرة.

وبعد مرور عام على وفاته، حصد عمله الأخير (فيلم الساحر) أبرز جوائز مهرجان «جمعية الفيلم المصرية» في دورته التاسعة والعشرين في مارس 2003، حيث حصل على جائزة أفضل فيلم من بين الأفلام المتنافسة، وجوائز أفضل إخراج وأفضل موسيقى وأفضل تصوير وأفضل دور ثانوي.

لم تقتصر اهتمامات وأعمال الكاشف على الإخراج السينمائي، وإنما اشتملت أيضا على إصدار المؤلفات من وحي تخصصه في الفلسفة. فقبيل اعتقاله سنة 1981، أخرجت له المطابع كتاب «الحرية والعدالة في فكر عبدالله النديم»، والذي تناول فيه تاريخ خطيب الثورة العرابية عبدالله النديم وفكره السياسي والاجتماعي. كما أخرجت له المطابع في العام نفسه كتاب «قضية تجديد الفكر عند زكي نجيب محمود».

على الصعيد الاجتماعي، تزوج الكاشف من «عزة كامل» التي رزق منها بإبنته عايدة الكاشف في عام 1990، ثم ابنه مصطفى الكاشف في عام 1997، علمًا بأن عايدة الكاشف ورثت من والدها حب النشاط السياسي، والموهبة السينمائية التي قادتها إلى امتهان الإخراج والتمثيل والتأليف.

وأخيرا، فإن الكاشف لئن رحل شابًا دون أن يزيد رصيده عن ثلاثة أعمال فقط، فإنه استطاع، بفضل موهبته ونهجه وشغفه بقضايا وحقوق المعذبين والمهمشين وتعامله مع السينما كوسيلة للتعبير عن الذات وهموم مواطنيه وأزمات وطنه في التسعينات، أن يجعل من تلك الأعمال الثلاثة أعمالا استثنائية، وأن يخلق لنفسه، بالتالي اسمًا خالدًا في تاريخ السينما العربية كواحد من مخرجيها الأفذاذ.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد