ما هو شعورك إزاء الخامس عشر من نوفمبر المقبل؟ إنه موعد بلوغ نفوس البشرية المليار الثامن. حين تتفكّر في الأوضاع الدولية، وفي أن الكوكب يواجه المجهول، تتوجّس خيفة من حديث العلماء عن الانقراض السادس. لا يكفي أن تقول: إن الكرة في ملعب الكبار، ما دمت لا تعرف ماذا وراء الستار.
في مطلع القرن التاسع عشر، كان سكان العالم ملياراً. في قرنين ضرب العدد في ثمانية. إذا كانت النهاية الفاجعة محتملة، فلماذا لا يسمع العالم العقلاء؟ أليس من السخريات أن يجعل الكبار الصراصير ترث أعظم من أنجبت الأرض من عباقرة العلوم والفلسفة والآداب والفنون؟ لقد قضى الكون قرابة أربعة عشر مليار سنة في تهيئة الظروف الملائمة لحياة الإنسان، لكن الآدمي سرعان ما ملّ عيشه ووجوده. أبادت الحرب الأولى أكثر من عشرين مليوناً من البشر، وفي الثانية أكثر من خمسين. أمّا إذا وقعت الواقعة الثالثة، فسيتجسد فيلم «الأرض بعد الإنسان». ربما من دون أشجار.
مجرّد خاطرة عابرة، وإلاّ فالجدوى العمليّة خيال، وهي ضرورة إعادة النظر في فلسفتي الثقافة والتربية: ما هي القوى الفكرية، المنطقية، المعنوية، الأخلاقية، الروحية، التي تستطيع الحيلولة دون انفلات الوحوش الغريزية الهدّامة من قيود العقل؟ لا بدّ من التفكير في هذه القضايا. ما قيمة كليات العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومراكز البحوث والدراسات، والمؤتمرات والندوات... إذا كانت خطة تنافسية في الجغرافيا السياسية والاستراتيجية، أو نزعة إقصائية إلغائية، كافية للإلقاء بمليارات الأبرياء في جحيم نووية بلا قرار؟
هنا، لا بدّ من تذكير مناهج التربية والتعليم بالأهمّ، وهو ربط الدراسة بالحياة. لا أهمّية على الإطلاق لصبّ المعلومات بالقُمع في المخ. إنه ليس مخ الخروف الذي نراه عند القصاب. إنه 86 مليار خليّة عصبيّة، لها 86 تريليون تشابك عصبيّ. إنه كون في رأس. ربط الدروس بالحياة، يتمثل في قول عميد علماء الفيزياء الفلكية، الكندي هيوبرت ريفز: «إن الفيزياء الفلكية وعلم الأحياء يرياننا من أين أتينا، أمّا علم البيئة فيرينا كيف يجب الحفاظ على وجودنا». أسوأ أساليب التعليم، تدريس العلوم والمعارف وكأنها أرخبيل جزر منفصلة. ذلك لا يصنع إنساناً مفكراً ولا إنساناً مسؤولاً. هذه هي المسألة.
لزوم ما يلزم: النتيجة الطرحية: مشروع كيسنجر لتحديد النسل في العقد السادس، لم يُجدِ نفعاً، المحاولة الآن لطرح الأرض أرضاً.