: آخر تحديث
مشروع قانون تنظيمي جديد يعيد تعريف العلاقة بينها وبين الدولة

المغرب يؤسس لجيل جديد من الأحزاب السياسية أكثر شفافية ومحاسبة

2
2
1

إيلاف من الرباط: توصل مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) بمشروع قانون تنظيمي يؤسس لجيل جديد من الأحزاب السياسية، يقوم على الوضوح في التمويل، والمحاسبة في الأداء، والمسؤولية في تأطير المواطنين.

ويحمل المشروع، الذي صادق عليه المجلس الوزاري الأخير برئاسة الملك محمد السادس، وينتظر أن يبرمج للمناقشة والمصادقة الإثنين، إصلاحات جوهرية تمس جوهر الحياة الحزبية، سواء في شروط التأسيس أو في آليات الدعم والمراقبة، بهدف إعادة الثقة في العمل الحزبي وإعادة بناء المشهد السياسي المغربي على أسس مؤسساتية حديثة.

وينص المشروع، إطلعت عليه "إيلاف"، على تمكين الشباب والنساء من المشاركة الفعلية في مواقع القرار، إذ يُلزم الأحزاب بأن تتضمن أجهزتها القيادية نسبة لا تقل عن 20 في المائة من الشباب والنساء مجتمعين، سعياً إلى تجديد النخب الحزبية وربطها بالتحولات المجتمعية والسياسية التي يعرفها المغرب. كما يفرض على كل حزب إحداث لجان داخلية للشفافية والمراقبة المالية وتلقي الشكاوى التنظيمية، ترسيخاً لثقافة الحكامة داخل التنظيمات الحزبية، والحد من ممارسات الاحتكار والإقصاء التي أضعفت دورها التأطيري خلال العقود الماضية.

وفي ما يخص تأسيس الأحزاب، أقر المشروع معايير جديدة لضمان الجدية والتمثيلية الوطنية، إذ يشترط على المؤسسين تقديم "عريضة" موقعة من 2000 مواطن يعبرون كتابة عن رغبتهم في الانخراط في المشروع السياسي، مع تمثيل جميع جهات المملكة بنسبة لا تقل عن 5 في المائة من العدد الإجمالي للأعضاء المؤسسين، على أن لا يقل عدد النساء عن أربع ضمن هيئة التأسيس المكونة من 12 عضواً. كما يشترط أن يُعقد المؤتمر التأسيسي بحضور 75 في المائة من الأعضاء المؤسسين، في احترام لمبدأ التوازن الجهوي وتمثيلية الفئات.

ويعيد المشروع تنظيم التمويل الحزبي بشكل صارم لضمان الشفافية والمحاسبة، محدداً سقف الهبات التي يمكن أن تتلقاها الأحزاب في 800 ألف درهم سنوياً (نحو 80 ألف دولار) لكل متبرع، مع منع تلقي أي دعم من شخصيات أو مؤسسات عمومية. وفي خطوة تنظيمية جديدة، يسمح القانون للأحزاب بتأسيس شركات استثمارية لتدبير أموالها في مجالات التواصل والنشر والإنتاج الرقمي، شرط إدراج عائداتها ضمن الحساب السنوي المودع لدى المجلس الأعلى للحسابات، مع إلزامها باعتماد وسائل الأداء البنكي في كل نفقاتها.

أما الدعم العمومي، فقد ربطه المشروع بالمردودية السياسية والالتزام الوطني، إذ لا يحق لأي حزب الحصول على الدعم الكامل إلا إذا غطى ثلث الدوائر الانتخابية المحلية على الأقل، وقدم مرشحاً دون 35 سنة في المراتب الأولى للائحة المحلية، ومترشحة من مغاربة العالم في المرتبة الأولى ضمن اللوائح الجهوية. كما يمنح المشروع دعماً إضافياً مضاعفاً للأحزاب التي تراهن على الشباب، والأشخاص في وضعية إعاقة، وأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج.

وفي الاتجاه نفسه، وسّع المشروع من صلاحيات المجلس الأعلى للحسابات، مانحاً إياه سلطة توجيه الإنذارات والإحالة المباشرة على القضاء في حال الإخلال بالشفافية المالية، مع إلزام الأحزاب بإرجاع الدعم الذي لم يُصرف في غاياته. كما خوّل لوزارة الداخلية طلب حل الأحزاب التي لا تقدم حساباتها لمدة ثلاث سنوات متتالية أو تتخلف عن عقد مؤتمراتها الوطنية كل أربع سنوات.

ويعكس هذا المشروع تحولاً عميقاً في الفلسفة السياسية للدولة، المبنية على تعاقد مؤسساتي جديد يقوم على النتائج والمحاسبة، ضمن مسار وطني شامل لتأهيل الحقل السياسي وبناء أحزاب تمتلك الرؤية والقدرة على مواكبة المشروع التنموي الجديد للمملكة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار