إيلاف من لندن: هل انتهت صفحة حسين سلامي، الصوت الأعلى في وجه إسرائيل والغرب؟ بمقتله في قلب طهران بغارة إسرائيلية مفاجئة، تُطوى سيرة أحد أكثر القادة الإيرانيين نفوذًا في العقود الأخيرة، رجل الثورة والتهديدات الصارخة، الذي ارتبط اسمه بالحرس الثوري وملفاته السرية ومواجهاته المفتوحة ضد إسرائيل والولايات المتحدة.
في عملية أطلقت عليها تل أبيب اسم "الأسد الصاعد"، شنت إسرائيل ضربة جوية دقيقة استهدفت حيًا في العاصمة الإيرانية طهران، حيث يقيم كبار قادة الحرس الثوري الإيراني. التلفزيون الإيراني الرسمي أعلن مقتل القائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي، إلى جانب اثنين من أبرز علماء البرنامج النووي، فريدون عباسي ومحمد مهدي طهرانجي. وتعد هذه العملية من أكثر الضربات جرأة على الأراضي الإيرانية منذ الثورة الإسلامية.
اللواء حسين سلامي لم يكن مجرد قائد عسكري، بل أحد الأعمدة الرئيسية لنظام الجمهورية الإسلامية، وذراعًا صلبة للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. عرف الرجل بخطاباته الهجومية ولهجته التصعيدية، وبخاصة تصريحاته التي كانت تُوجّه مباشرة ضد إسرائيل، واصفًا إياها بـ"الورم السرطاني".
في آخر ظهور علني له في أيار (مايو) الماضي، وجّه تحذيرًا لافتًا لكل من إسرائيل والولايات المتحدة، قائلاً: "إذا ارتكبتم أدنى خطأ، فسنفتح عليكم أبواب جهنم"، في ما عُدّ تمهيدًا لمرحلة تصعيدية من جانب طهران. لكنها كانت، على ما يبدو، آخر رسائله النارية قبل أن تطاله يد إسرائيلية، هي الأولى من نوعها بهذا المستوى على الأرض الإيرانية.
وُلد سلامي عام 1960 في محافظة أصفهان وسط إيران. درس الهندسة، لكنه انخرط في صفوف الحرس الثوري منذ بدايات الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينات القرن الماضي. تدرّج في المناصب حتى تسلّم قيادة سلاح الجو في الحرس، ثم عُيّن في نيسان (أبريل) 2019 قائدًا عامًا للحرس الثوري، خلفًا للجنرال محمد علي جعفري. وفي بيانه حينها، امتدح خامنئي "القدرات القيادية والخبرة الاستراتيجية" لسلامي، موكلًا إليه مهمة رفع جاهزية المؤسسة العسكرية الإيرانية.
لم يكن سلامي مجرد عسكري، بل كان أيضًا عضوا في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الجهة العليا التي تحدد السياسات الأمنية والعسكرية في البلاد، ما منحه نفوذًا يمتد إلى السياسة الخارجية، لا سيما في ما يتعلق بالملف النووي والعلاقة مع المحور الإقليمي لطهران، من سوريا إلى لبنان واليمن.
يُعدّ من الجيل المؤسس للحرس الثوري، وله حضور دائم في الإعلام الرسمي الإيراني. في نيسان (أبريل) 2024، ظهر وهو يدير عملية هجومية بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد أهداف داخل إسرائيل، من داخل مركز قيادة في طهران، في سابقة إيرانية مباشرة على هذا المستوى.
التاريخ لا ينسى أيضًا تصريحه الشهير عام 2018، حين خاطب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قائلاً: "تدرّب على السباحة في البحر الأبيض المتوسط"، في إشارة إلى احتمال هروبه في حال اندلاع حرب واسعة.
من خلال موقعه، فرضت الولايات المتحدة على سلامي عقوبات صارمة، وشملته قوائم الإرهاب الأميركية، باعتباره مسؤولًا عن أنشطة زعزعة الاستقرار في المنطقة.
اليوم، وبعد مقتله، تفقد طهران أحد أكثر رجالها ولاءً وحزمًا، ورمزًا لطموحاتها الإقليمية، ما يطرح تساؤلات ملحة حول الرد الإيراني المرتقب، والتأثير المباشر لهذا الاغتيال على تركيبة القيادة في الحرس الثوري، وعلى مستقبل التصعيد في المنطقة.