إيلاف من الرباط: يراهن حزب الأصالة والمعاصرة، أحد مكونات الأغلبية الحكومية في المغرب، على تجديد ديناميته التنظيمية والسياسية استعداداً للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، من خلال إعادة ترتيب هياكله الداخلية، وتقييم موقعه في التحالف الحكومي، ومواصلة الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى.
وشكلت الدورة الثلاثون للمجلس الوطني، التي انعقدت السبت بسلا، مناسبة لتجديد الخط السياسي والتنظيمي للحزب، عبر رسائل حملتها تدخلات كل من أعضاء الأمانة العامة، ووزراء الحزب، ورئيسة المجلس الوطني، والمنسقة الوطنية فاطمة الزهراء المنصوري.
من أبرز لحظات الدورة، الإعلان عن عودة النائب البرلماني السابق هشام المهاجري إلى المكتب السياسي للحزب، إلى جانب زميله عادل بيطار.
وبررت المنصوري هذه العودة، بانها "لم تكن اعتباطية"، بل جاءت "نتيجة للجهود الكبيرة والانضباط السياسي والمؤسساتي الذي أبان عنه المهاجري والبيطار داخل التنظيم الحزبي"، وذلك في إطار الصلاحيات التنظيمية التي تخول للأمانة العامة تعيين أربعة أعضاء إضافيين في المكتب السياسي للحزب.
التزام حكومي مع الإشارة إلى بعض الخلافات
في عرضه السياسي، قال محمد المهدي بنسعيد، عضو المكتب السياسي ووزير الشباب والثقافة والتواصل، إن الحزب واعٍ بتحديات المرحلة، لكنه يرى فيها فرصة "لإعادة بناء العلاقة بين المواطن والسياسة عبر الفعل الميداني والانخراط في الإصلاحات الكبرى".
وأضاف أن الحزب "لم يولد داخل الحكومة"، بل خاض سنوات من المعارضة، قبل أن يقرر الالتحاق بالأغلبية الحكومية في 2021، "بناءً على قناعة راسخة بضرورة دعم الاستقرار السياسي وخدمة المصلحة الوطنية العليا".
ولم يُخفِ بنسعيد وجود بعض "الاختلافات في الرأي" داخل الأغلبية، معتبراً ذلك "أمراً طبيعياً في ظل التنوع الحزبي"، مبرزا التزام حزب الأصالة والمعاصرة بالحفاظ على تماسك الأغلبية لضمان تنفيذ البرامج الحكومية والتعهدات التي قُدمت للمغاربة.
تعبئة تنظيمية وربح رهان الانتخابات
من جهتها، ثمنت رئيسة المجلس الوطني، نجوى كوكوس، مشاركة الحزب في الحكومة، ووصفتها بـ "المسؤولية التاريخية" التي تتطلب "تعبئة شاملة وانخراطاً فعلياً للمنتخبين والمناضلين"، داعية إلى كسب رهان الاستحقاقات الانتخابية المقبلة من خلال "الاقتراب من هموم المواطنين وتثبيت الثقة في المشروع الحزبي".
برامج حكومية وتحولات اقتصادية
واستعرض المجلس الوطني للحزب حصيلة العمل الحكومي خلال السنوات الثلاث الماضية، مسجلاً أنها تعكس "اختيارات سياسية شجاعة" في مجالات الحماية الاجتماعية، والتعليم، وتحفيز الاستثمار، وسياسات الشباب، والعدالة المجالية.
وأشار التقرير السياسي إلى مساهمة الحزب بفعالية في بلورة هذه السياسات، خاصة في ما يتعلق بتعزيز فرص الشغل وتمكين الفئات الهشة، رغم الإكراهات المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية الدولية.
الانتصارات الدبلوماسية المغربية حاضرة
في ما يخص قضية الوحدة الترابية، جدد المجلس الوطني التأكيد على أن الصحراء المغربية "قضية سيادية فوق كل الحسابات الحزبية"، مشيداً بالدينامية الدبلوماسية التي يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس على الصعيدين الإقليمي والدولي.
واعتبر التقرير أن المسيرة الخضراء ليست مجرد لحظة تاريخية، بل مشروعٌ وطنيٌّ متواصلٌ يستدعي تعبئة الأجيال بروحها ومبادئها في سبيل الدفاع عن السيادة المغربية.
القضية الفلسطينية: دعم مبدئي وانسجام مع التوجهات الملكية
بخصوص القضية الفلسطينية، عبّر المجلس الوطني عن دعم الحزب "الثابت والمبدئي" لحقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وأكد الحزب انسجامه الكامل مع التوجيهات الملكية، مشدداً على أن فلسطين "ليست مجالاً للمزايدات، بل التزام أخلاقي دائم"، مع دعم كل المبادرات الإنسانية والدبلوماسية التي يباشرها المغرب لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني والدفاع عن المقدسات الإسلام.