إيلاف من الرباط: عبّر ادريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية وتحليل الأزمات بجامعة القاضي عياض في مراكش، عن رفضه ل"تصريف مواقف عدائية باسم البحث العلمي وتوظيف مركز علمي في التشهير بالباحثين المغاربة"، مبديا استغرابه من موقف مركز ابن خلدون التابع لجامعة قطر، الذي "لم يصدر إلى حدود الساعة أي اعتذار على نفس الموقع الذي نشر فيه المؤلف الجماعي".
جاء ذلك في بيان للرأي العام بشأن "إساءة وتشهير"، ضمن مقال لباحث جزائري نشر في مؤلف جماعي صادر عن المركز القطري.
خلفية الرفض والاستغراب
أوضح لكريني، في معرض بيانه، أن كتابا جماعيا، صدر قبل بضعة أشهر، عن مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية التابع لجامعة قطر، تحت عنوان: "غزّة والعلوم الاجتماعية" في طبعته الأولى (2024)، بمشاركة 14 باحثا من ضمنهم باحث جزائري اسمه مصطفى بخوش ، معروف بمواقفه المسيئة للمغرب، نشر فيه مقالا (ص. 104 وما بعدها) حول موضوع: "تأثير معركة طوفان الأقصى على الاهتمامات البحثية العربية في حقل العلوم السياسية والعلاقات الدولية".
وأضاف لكريني أن الباحث الجزائري "زعم" في مقاله أنه "سيتوقف عند "اهتمامات وتوجهات الجماعة العلمية العربية.. من خلال متابعة ما نشره الباحثون المتخصصون (13 باحثا) في حقل العلوم السياسية والعلاقات الدولية".
وأشار لكريني إلى أن الباحث الجزائري أورد اسمه (إدريس لكريني) ضمن الباحثين المعنيين بهذا "التقييم"، على امتداد أكثر من صفحتين (143 و144 و145)، حيث ذكر في الصفحة 144: "وبالتحليل الكمي لما كتبه الدكتور إدريس لكريني خلال 14 شهرا، 07 منها قبل طوفان الأقصى، و7 أخرى بعدها، نسجل الملاحظات التالية: معظم كتابات الأستاذ إدريس في جريدة الخليج حول الأزمات الدولية والقانون الدولي والنظام الدولي في شقها النظري، ويبتعد عن تناول قضايا الواقع الدولي إلا فيما ندر وبشكل موجز، عندما يقدمه كأمثلة في موضوعاته النظرية". وأضاف بخوش: "كتب الأستاذ إدريس مقالا واحدا فقط بشأن القضية الفلسطينية بعد عملية طوفان الأقصى، ولم يكتب قبلها أي مقال عنها، وهو ما يعكس أن القضية الفلسطينية لا تدخل ضمن اهتماماته البحثية". وخلص الباحث الجزائري إلى القول : "يتسم موقف الأستاذ إدريس من القضية الفلسطينية من خلال المقال الوحيد الذي خصصه للقضية الفلسطينية، بالإشارة إلى مأزق العدالة الدولية وإفلات الاحتلال الإسرائيلي من العقاب، على المجازر والجرائم التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني".
افتراءات كاذبة
شدد لكريني على أن ما ورد بشأنه في مقال الباحث الجزائري هو "عبارة عن تشهير وافتراءات كاذبة، فالادعاء بأن كتاباتي تتناول المواضيع النظرية البعيدة عن الواقع الدولي تحمل قدرا كبيرا من التحامل وحكم القيمة، وهو ما يمكن التأكد منه من خلال الاطلاع على عدد من مقالاتي المنشورة في صحيفة الخليج الإماراتية منذ عام 2013 والتي تتجاوز 380 مقالا، أو مقالات أخرى منشورة في مجلة درع الوطن (أكثر من 60 مقالا)، أو بموقع هسبريس، أو بموقع الجزيرة للدراسات أو غيرها من المجلات والمواقع الإلكترونية، أو مراجعة محتويات موقعي الإلكتروني (www.drisslagrini.com)، الذي يتضمن كتبا ومقالات ودراسات ومقاطع فيديو تفند هذه الادعاءات الباطلة. كما ادعى الباحث أنني كتبت مقالا واحدا فقط بشأن القضية الفلسطينية بعد عملية طوفان الأقصى، ولم أكتب قبلها أي مقال عنها. وهذا أيضا كذب وافتراء، فقد كتبت مجموعة من المقالات والدراسات خلال الفترة المعنية بالمقال (07 أشهر قبل طوفان الأقصى، و7 أخرى بعدها)، نذكر من بين هذه المقالات على سبيل المثال فقط: "جرائم الاحتلال في غزّة ومطلب الدولة الفلسطينية"، هسبريس، 04 ديسمبر 2023، و"القضية الفلسطينية وتحوّلات النظام الدولي"، صحيفة الخليج، 28 يناير 2024، و"الولايات المتحدة ومستقبل الدولة الفلسطينية"، مجلة درع الوطن، مارس 2024، و"العدالة الجنائية والتحدّي الإسرائيلي"، صحيفة الخليج، 21 مايو 2024، و"الحراك الطلابي العالمي ومأزق الاحتلال"، مجلة درع الوطن، يونيو 2024، و"متاهات الصراع في الشرق الأوسط"، صحيفة الخليج، 03 أكتوبر 2024، و"العدوان الإسرائيلي على غزة ومستقبل الملف النووي الإيراني"، مجلة درع الوطن، نوفمبر 2024، و"القضية الفلسطينية ومأزق المنظومة الدولية لتدبير الأزمات"، هسبريس بتاريخ 08 أكتوبر 2024، وورقة مشتركة حول: "العدوان الإسرائيلي على غزة ومأزق المؤسسات الدولية" ستنشر قريبا بمجلة المستقبل العربي في بيروت، وحوارا أجرته معي صحيفة "القدس العربي"، منشور بتاريخ 07 مارس 2024، حول جرائم إسرائيل.
استنتاج عشوائي ونية مبيتة
أضاف لكريني، في معرض بيانه، أن الباحث الجزائري خلص في مقاله ضمن "استنتاج عشوائي وغير مؤسّس على معطيات علمية ومعلومات موضوعية، إلى أن "القضية الفلسطينية لا تدخل ضمن اهتماماتي البحثية". علما بأنني كتبت عددا كبيرا من المقالات والدراسات حول هذه القضية، وتناولت القضية ضمن عدد من الكتب التي أصدرتها، وشاركت في مجموعة من الندوات الفكرية واللقاءات الإعلامية حول الموضوع، وقدمت محاضرات عن بعد لفائدة طلبة فلسطينيين، كما أشرفت على رسائل ماستر وأطاريح لها علاقة بالقضية".
واعتبر لكريني أن وضع اسمه في آخر المقال و"وصفه بهذه الصورة المسيئة دون تحرّ دقيق كاستثناء، بعد التطرق قبل ذلك لعدد من الباحثين والتأكيد على مواقفهم المشرّفة من القضية، يعكس نية الباحث في استهدافي كباحث مغربي وإظهاري للقراء بصورة سلبية وغير لائقة".
تشهير وإساءة
شدد لكريني على أن "المسؤولية عن هذا التشهير والإساءة يتحملها مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية التابع لجامعة قطر، الذي سمح بنشر هذا المقال الذي لا تتوافر فيه الحدود الدنيا لشروط وأخلاقيات البحث العلمي وما يتصل بها من موضوعية وأمانة علمية، فالمقال الذي يبدو أنه لم يعرض على أية لجنة للتحكيم وفقا لما هو متعارف عليه علميا، خصوصا وأنه (المقال المنشور) هو في الأصل ورقة قدمت ضمن أشغال المؤتمر السنوي للتجسير 2024 التي نظمها المركز بتاريخ 05 أكتوبر 2024، حول انعكاسات الأحداث الكبرى على عالم الأفكار..، حيث تكفل المركز بنفقات تنقل وإقامة المشاركين (كما هو مبين في الورقة التقديمية للمؤتمر) ، ومن ضمنهم كاتب المقال، حيث أتيحت له الفرصة له ليطرح ادعاءاته المسيئة على مرأى ومسمع المشاركين والحاضرين في المؤتمر والقائمين عليه؛ كما هو مبين في كتيّب هذا الأخير، ليتم بعد ذلك نشر هذه المادة بما تتضمنه من إساءات وادعاءات باطلة ضمن كتاب جماعي؛ تمّ الترويج له على نطاق إعلامي واسع، ووضعت نسخة إلكترونية منه قابلة للتحميل في موقع جامعة قطر لأكثر من شهرين، قبل أن يتم سحبها في أعقاب مراسلتي للمركز، وإخباري بأنه "تمت مراسلة الباحث الجزائري للاستيضاح حول الأمر والقيام ببعض التعديلات التي تضمن سلامة البحث من أي ثغرة منهجية"، دون نشر أي اعتذار أو بلاغ توضيحي حول الأمر. ورغم مراسلتي لكل من وزيرة التربية والتعليم العالي بقطر، ورئيس جامعة قطر ورئيس المركز السابق ورئيسه الحالي، إلا أن جامعة قطر أو مركز ابن خلدون لم يصدرا أي اعتذار أو توضيح حول الموضوع بعد سحب للكتاب من الموقع الإلكتروني للجامعة".
ثلاث ملاحظات
وقدم لكريني، في تصريح ل"إيلاف"، ثلاث ملاحظات، أولاها أن "الباحث الجزائري معروف بمعاداته للمغرب، وله تدوينات سيئة عن المغرب ورموزه؛ وأن المقال الذي كتبه يأتي، ثانيا، في هذا السياق، الذي يصفي من خلاله حسابات أو تكريس عداء يسعى من خلاله إلى تكريس القطيعة بين المغرب والجزائر، في سياق هذه الصراعات التي تجاوزت ما هو سياسي إلى ما هو ثقافي وفني وأكاديمي؛ وهذا هو الخطير في الأمر". أما النقطة الثالثة، يضيف لكريني، ف"تتعلق بأنني قبل نحو ثلاثة أسابيع كنت في قطر وتوجهت إلى جامعة قطر لمقابلة رئيسها ولم يستقبلني، واكتفى بأن بعث لي موظفتين، لإجراء مقابلة معي، من دون أن يستجد شيء في الموضوع منذ ذلك الحين. وحتى الرئيس الجديد للمركز تواصلت معه هاتفيا، وتحدثنا طويلا وبعثت له بتفاصيل القضية وملابساتها ومراسلاتي مع المركز، ولكن لم يعد يرد أو يتجاوب مع أي مراسلة لي في هذا الخصوص".
وأضاف لكريني أنه يعتبر نشر المقال الذي "لا تتوافر فيه شروط علمية، على اعتبار أن فيه نوعا من التشهير والإساءة لي شخصيا، أمرا لا يليق بمركز علمي تابع لجامعة عريقة. كما أعتبر أن الأمر يتطلب، على الأقل، اعتذارا من المركز. خصوصا وأن هذا المركز فتح لهذا الباحث الجزائري المجال، أولا لحضور مؤتمر، كما قاموا بتمويل رحلته والتكفل بإقامته مع السماح له بترديد أكاذيبه وافتراءاته أمام الحضور، علما أن علاقتي مع القضية الفلسطينية هي علاقة دائمة منذ طفولتي، وقد تربيت في البيت وفي المدرسة على حب القضية الفلسطينية، ونظمت مجموعة من اللقاءات العلمية على علاقة بهذه القضية التي تندرج ضمن اهتماماتي الكبيرة كأكاديمي، خصوصا وأن هذه القضية بالنسبة للمغاربة هي قضية وطنية".
وشدد لكريني، في معرض تصريحه، على أنه يحترم الباحثين الجزائريين، ومنهم أصدقائي الذين زاروني في مراكش والتقينا في عدد من الندوات، ولهم مواقف بناءة تدعم التواصل والحوار، ومازال التواصل قائما معهم، وأعتبر أن سلوك هذا الباحث الجزائري لا يمكن أن يجرني إلى التنكر لمبادئي المتصلة بالدفاع عن المشروع المغاربي، وتعزيز التواصل المغاربي، أولا كباحث أكاديمي وكرئيس لمنظمة العمل المغاربي التي لطالما نبذت الخلافات والصراعات المغاربية، ودعت إلى تجسير العلاقات بين البلدان المغاربية، وإلى طي الخلافات. لذلك أعتبر هذا السلوك سلوكا مغزولا يهم هذا الشخص بشكل خاص. وأتمنى أن تصل الرسالة إلى المركز القطري وإلى الأستاذ الجزائري، وأن يتحملا مسؤوليتهما في الاعتذار، على الأقل، علما أن ما قام به المركز هو عمل غير قانوني وغير أخلاقي، لأنه يتنافى مع أخلاقيات البحث العلمي ومع الضوابط التي يفترض أن تخضع لها المقالات والدراسات والإنتاجات الفكرية والعلمية".
سيرة
تجدر الإشارة إلى أن لكريني، هو باحث مغربي معروف بحضوره الأكاديمي الرصين، سواء من خلال عمله التأطيري وأبحاثه داخل الجامعة المغربية والخارج، أو من خلال إصداراته وكتاباته في المجلات المحكمة والمتخصصة. وهو يعمل أستاذا للتعليم العالي في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة القاضي عياض في مراكش. كما أنه مدير لمختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، ورئيس لمنظمة العمل المغاربي، علاوة على أنه مدرب وخبير في مجال تدبير وتحليل الأزمات، حاصل على شهادة تدريب المدرّبين في مجال القانون الدولي الإنساني.
وراكم لكريني عددا مهما من الإصدارات في مجال اشتغاله، بينها: "التداعيات الدولية الكبرى لأحداث 11 شتنبر"، و"إدارة الأزمات في عالم متغير"، و"قضية لوكربي بين متاهات الاستبداد وتحولات النظام الدولي"، و"القانون الدولي العام / مبادئ ومفاهيم أساسية"، و"العلاقات الدولية مفاهيم أساسية وقضايا معاصرة"؛ و"تدبير أزمات التحول الديمقراطي"، و"إدارة الأزمات العابرة للحدود".
كما أشرف ونسق مجموعة من المؤلفات الجماعية، من قبيل ""ثورات" الربيع العربي ومخاطر الانتقال السياسي والاقتصادي"، و"العلاقات المغربية الإفريقية.. الرهان والتحديات"، و"تجارب العدالة الانتقالية في الدول المغاربية"، و"البيئة في حوض البحر الأبيض المتوسط.. فضاء للشراكة أم مجال للتنافس؟"، و"الهجرة في المتوسط وحقوق الإنسان"، و"التحكيم وتدبير الأزمات"، و"الدبلوماسية الاقتصادية ومناخ الاستثمار"، و"الجيل الثالث لحقوق الإنسان.. السياق والإشكالات"، و"إفريقيا.. فرص التنمية وتحديات التنافس الدولي"، و"السياسة الخارجية المغربية في عالم متغير: الضوابط والديناميات".