إيلاف من الرباط: يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الاثنين، زيارة دولة للمغرب، مرفوقا بزوجته بريجيت ماكرون، فضلا عن وفد وزاري رفيع المستوى، يضم وزير الخارجية جان نويل باروت، ووزير الداخلية برونو ريتايو، ووزيرة التربية الوطنية آن جينيت، ووزير الدفاع سيباستيان ليكورنو، ووزير الاقتصاد والمالية والتجارة أنطوان أرماند، ووزيرة الفلاحة والسيادة الغذائية والغابات آني جينوفارد، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي باتريك هيتزل.
ويتضمن برنامج الزيارة الاثنين حفل استقبال رسمي في القصر الملكي المغربي في الرباط، وتوقيع اتفاقيات في مختلف المجالات بحضور العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي. كما سيجري الملك محمد السادس مباحثات مع الرئيس ماكرون.
ويوم الثلاثاء سيلقي الرئيس الفرنسي خطابًا في البرلمان المغربي. كما سبجري لقاءات مع رئيس الحكومة المغربية عزيز اخنوش، ورئيسي غرفتي البرلمان( مجلس النواب ومجلس المستشارين).
وسيزور الرئيس ماكرون وقرينته ضريح الملك الراحل محمد الخامس.
وسيتناول الرئيس الفرنسي وقرينته الغذاء مع وفد ثقافي فرنسي-مغربي. وسيقيم له العاهل المغربي عشاء رسميا.
وكان بيان لوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة المغربية قد أعلن عن زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي للمملكة المغربية، مشيرا إلى أنها "تعكس عمق العلاقات الثنائية، القائمة على شراكة راسخة وقوية، بفضل الإرادة المشتركة لقائدي البلدين لتوطيد الروابط المتعددة الأبعاد التي تجمعهما".
وتعود آخر زيارة لماكرون إلى المغرب إلى 2018. وتأتي زيارته الحالية في سياق تحول كبير في العلاقات المغربية الفرنسية، على خلفية إعلان قصر الإليزيه، في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، أن فرنسا تعترف بالمقترح المغربي بخصوص الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء المغربية، في إطار السيادة المغربية كأساس وحيد لحل دائم للقضية.
وتطرق الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، إلى اعتراف فرنسا، بسيادة المملكة على كامل تراب الصحراء، ودعمها مبادرة الحكم الذاتي، في إطار الوحدة الترابية المغربية، كأساس وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل.
واغتنم ملك المغرب هذه المناسبة ليتقدم باسمه شخصيا، وباسم الشعب المغربي، بأصدق عبارات الشكر والامتنان، لفرنسا وللرئيس إيمانويل ماكرون، على هذا الدعم الصريح لمغربية الصحراء.
وعد الملك محمد السادس أن هذا التطور الإيجابي، ينتصر للحق والشرعية، ويعترف بالحقوق التاريخية للمغرب، لا سيما أنه صدر عن دولة كبرى، عضو دائم بمجلس الأمن، وفاعل مؤثر في الساحة الدولية، وذلك بالإضافة إلى أن فرنسا تعرف جيدا، حقيقة وخلفيات هذا النزاع الإقليمي.
ويرى قصر الاليزيه في باريس أن زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي للمغرب تأتي ضمن طموح إعادة بناء "الشراكة الاستثنائية" التي تربط البلدين.
وتطرق ملف صحافي للقصر الرئاسي الفرنسي إلى تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين، مشيرا إلى أنها تتميز بطول الأمد والتقارب، إذ أنها تعود إلى زمن بعيد.
وأشار المصدر ذاته إلى أن فرنسا كانت أول بلد أوروبي يرسل قنصلا إلى المغرب، وكان ذلك في القرن الرابع عشر.
وأضاف أن فرنسا لن تنسى أبدًا الجنود المغاربة الذين بلغ عددهم 73 ألفا، ما بين 1939 و1945، والذين كانوا عشية إنزال "بروفانس" جزءًا لا يتجزأ من جيش التحرير.
وتقيم في المغرب جالية فرنسية هي الأكبر من بين البلدان المغاربية الثلاثة، والتاسعة على مستوى العالم، حيث يناهز عدد المسجلين فيها نحو 54 ألف شخص.
والمغرب هو الشريك التجاري الأول لفرنسا في شمال أفريقيا (الزبون الأول والمورد الأول)، وشريكها التجاري رقم 19 على مستوى العالم. كما أن فرنسا هي الشريك التجاري الأول للمغرب في العالم، وأول زبون وثاني مورد.
كما أن فرنسا هي المستثمر الأجنبي الأول، والمزود الرئيسي لإيرادات السياحة، والبلد الأول لتحويلات العملة الأجنبية من المغاربة المقيمين في الخارج، كما أن المغرب هو المستثمر الإفريقي الأول في فرنسا. ويوجد بالمغرب ما يناهز ألف شركة فرنسية، وهو ما يمثل حوالي 150 ألف وظيفة مباشرة.
وتضاعفت المبادلات التجارية بين البلدين في عشر سنوات. ولا تزال فرنسا الوجهة الأولى للصادرات المغربية من السيارات.
وتطورت التجارة بين فرنسا والمغرب، لتناهز أكثر من 14 مليار دولار، بزيادة 5 بالمائة مقارنة بعام 2022. ويُعزى هذا النمو إلى الواردات الفرنسية من معدات النقل، ولا سيما السيارات، على خلفية ارتفاع حجم صناعة السيارات المغربية منذ عام 2010.
وتطورت الصادرات الفرنسية إلى المغرب، منذ 2021، لتناهز، في 2023، نحو 7 مليار دولار، بزيادة 9 بالمائة ما بين 2019 و2023، مدفوعةً بمبيعات الحبوب والقمح.
كما ينخرط البلدان في تعاون في مجالات التحول في الطاقة، والنقل، والزراعة وتغير المناخ، والأمن ومكافحة الهجرة غير الشرعية، والتربية والتعليم، فضلا عن التعاون الجامعي حيث تمثل فرنسا الوجهة الأولى للطلبة الذين يدرسون في الخارج، بأكثر من 45 ألف طالب. ويمثل المغرب بهذا الرقم أول بلد للطلاب الأجانب في فرنسا، بسنة 11 بالمائة من إجمالي الطلبة الأجانب في فرنسا.