جدّدت الولايات المتحدة السبت التأكيد أن الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة هو شرط لإعلان وقف إطلاق النار وإدخال مساعدات إنسانية إضافية إلى القطاع، في موقف لقي معارضة الأردن.
وأقرّ كبير مستشاري البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك خلال النسخة الـ19 من "منتدى حوار المنامة" الذي ينظّمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، بأن الوضع في غزة "مروّع" و"لا يُحتمل".
لكنّه أضاف "سيحصل تدفق للمساعدات الإنسانية والوقود ووقف إطلاق النار، عندما يتمّ الإفراج عن الرهائن".
وسبق أن أكدت واشنطن أن وقف إطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الرهائن.
لكنّ وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عبّر عن رفضه لهذا الموقف. فقال إن "من غير المقبول" ربط الهدنات الإنسانية بمسألة الرهائن، مؤكدًا أن اسرائيل أخذت "2,3 مليون فلسطيني رهائن"، في إشارة الى سكان قطاع غزة المحاصر منذ 17 عامًا.
وتحتجز حماس 239 رهينة بين إسرائيليين وأجانب، وفق السلطات الإسرائيلية، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر حين شنّت هجومًا مباغتًا على جنوب إسرائيل أوقع 1200 قتيل غالبيتهم مدنيون وسقطوا عمومًا في اليوم الأول للهجوم.
وتوعّدت الدولة العبريّة حركة حماس ب"القضاء" عليها، وتشنّ حملة قصف جوّي ومدفعي كثيف، ما تسبّب بمقتل 12300 شخص في قطاع غزّة غالبيّتهم مدنيّون وبينهم أكثر من خمسة آلاف طفل، وفق أحدث حصيلة لحكومة حماس.
وأكد ماكغورك أن مسألة الرهائن تبقى "أولوية" للرئيس الأميركي جو بايدن الذي تطرق إليها في اتصال مساء الجمعة مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مشيرًا إلى أن المحادثات "مكثّفة" في هذا الصدد بوساطة قطرية.
ونجحت جهود الدوحة حتى الآن في الإفراج عن أربع رهائن: أميركيتان في 20 تشرين الأول/أكتوبر وإسرائيليتان في 23 من الشهر نفسه.
"وقف عجلة العنف"
وقال مسؤول أوروبي شرط عدم الكشف عن اسمه، في المنامة السبت، "علينا العمل من أجل تحرير الرهائن وتطبيق هدنات إنسانية (...) الأمران يجب أن يحصلا".
وهذا الأسبوع، خرج مجلس الأمن الدولي عن صمته للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، بإصداره قراراً يدعو إلى "هدنات وممرّات إنسانية" في قطاع غزة.
وكان ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، دعا مساء الجمعة في كلمته الافتتاحية للمنتدى، إلى الإفراج عن الرهائن ووضع حدّ للنزاع.
وقال الأمير "ما يتطلبه الموقف حالياً هو وقف عجلة العنف، ومن أجل تحقيق ذلك لا بد أن يتم إطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الانسانية لأهالي قطاع غزة وفقاً للقانون الدولي، ودعم كافة الجهود القائمة لتحقيق ذلك".
وأكد محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، السبت أن استمرار الحرب سيؤجج التطرف والانتقادات للدول العربية "المعتدلة" مثل مصر والأردن والإمارات، التي تقيم علاقات مع إسرائيل، وكذلك السعودية التي كانت تجري مفاوضات تطبيع قبل أن تعلّقها إثر اندلاع الحرب.
"أي غزة ستبقى؟"
من جانبه، رأى مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أنه لا يمكن العودة إلى الوضع الذي كان قائمًا قبل الحرب في غزة.
وصرّح "لم يعد بإمكان حماس أن تسيطر على قطاع غزة" معتبرًا ان السلطة الفلسطينية "مستعدة لتولي هذه المسؤولية" بمساعدة المجتمع الدولي.
واعتبر أن هذا سيتطلب "مشاركة قوية من الدول العربية" على المستويين الاقتصادي والسياسي.
غير أنّ نظيره الأردني حذّر من أن هذا الاحتمال ليس مقبولًا عربيًا.
وقال الصفدي "بعد مناقشة هذه القضية مع كثرٍ ومع جميع إخواننا العرب تقريبًا، لن تتجه قوات عربية إلى غزة"، مضيفًا أنه لا يمكن السماح بأن ينظر الفلسطينيون "إلينا على أننا أعداء" لهم.
وسأل "كيف يمكن لأحد أن يتحدث عن مستقبل غزة، ونحن لا نعرف أي غزة ستبقى بعد انتهاء الوضع (الحالي)؟".
وتحدثت تقارير عن طروحات عديدة بشأن مصير القطاع المحاصر منذ 17 عامًا بعد انتهاء الحرب، منها نشر قوات عربية لإرساء الاستقرار فضلًا عن دور قد تؤديه السلطة الفلسطينية في إدارته. وتسيطر حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على القطاع منذ العام 2007.
وشدّد الصفدي على أن الأولويات هي "وقف هذه الحرب... والسماح بدخول الإمدادات الإنسانية فورًا"، ثمّ "مقاربة حاسمة لإنهاء هذا النزاع بشكل نهائي على أساس حل الدولتين".
واعتبر أن "هذه هي الطريقة الوحيدة للتطلع إلى الأمام".
وعام 1994، وقّع الأردن اتفاق سلام مع إسرائيل لكن الشعب الذي يتحدر نصفه تقريبًا من أصول فلسطينية، رفض تطبيع العلاقات بشكل عام.