رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الثلاثاء عرضا بالاستقالة تقدمت به رئيسة وزرائه إليزابيث بورن، قائلا إن على الحكومة "مواصلة القيام بمهامها".
وواجهت بورن انتقادات بعد خسارة ائتلاف ماكرون أغلبية كان يتمتع بها في البرلمان يوم الأحد.
وبدا مستقبل بورن مهددا بعد نتيجة الانتخابات البرلمانية التي تركت الرئيس في حاجة إلى تأمين دعمٍ من خصومه.
ويعقد ماكرون لقاءات نادرة مع خصومه السياسيين الثلاثاء والأربعاء لعقد محادثات أجل تحديد استراتيجية "لمصلحة الفرنسيين"، بعد فشل معسكره في الحصول على الأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية.
لكن أيًا من زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان أو زعيم تحالف اليسار-الخضر جان لوك ميلانشون لا يبدو حريصا على العمل مع حكومة الوسط التي يتزعمها ماكرون.
وتناضل حكومة ماكرون للنجاة من شلل سياسي، وتحتاج إلى 44 مقعدا لتتمتع بالأغلبية.
وأعلن قصر الإليزيه أن بورن عرضت رسميا صباح يوم الثلاثاء أن تستقيل، مقدمةً بذلك خطابا إلى ماكرون - رئيس الدولة - والذي رفض من جهته العرض.
وقال الإليزيه في بيان إن ماكرون رفض العرض "حتى يتسنى للحكومة مواصلة القيام بمهامها"، مضيفا أن الرئيس يتطلع إلى "حلول بنّاءة" لتخطّي العراقيل التي تهدد أجندته في فترته الثانية.
وبعد أقل من شهرين من إعادة انتخابه رئيسًا لفرنسا، خسر ائتلافه الوسطي عشرات المقاعد في انتخابات الأحد مما تسبب في انقسام المشهد السياسي الفرنسي.
وقالت إليزابيث بورن إن "ما حدث غير مسبوق".
ويعدّ إجراءً اعتياديا على الساحة السياسية الفرنسية أن يتقدم رئيس وزراء باستقالته في أعقاب انتخابات برلمانية. وعادة ما يلجأ الرئيس إلى إعادة تعيين الشخص نفسه بحيث يشرع الأخير في تشكيل حكومة جديدة.
لكن الموقف مختلف هذه المرة؛ حيث يطالب ماكرون رئيسة وزرائه، بورن، بالبقاء في منصبها مع نفس الحكومة دون استقالة.
ويرى معلّقون في موقف ماكرون محاولة لكسب الوقت، مضيفين أنه في مرحلة ما ستتشكل حكومة جديدة سواء كانت برئاسة بورن أو برئاسة غيرها.
ويرى معلقون أن الرئيس ماكرون قد يستهدف إبرام اتفاق مع الجمهوريين في اليمين. وقد أكد الحزب حضور زعيمه كريستيان جاكون المحادثات.
لكن آفاق التوصل إلى اتفاق تبدو معتمة في الطريق إلى المحادثات؛ وذلك في ضوء تصريحات أدلى بها جاكوب في مقابلة مع راديو فرنسا وصف فيها ماكرون بأنه " ذلك الشخص الذي طالما بدا متغطرسا ولكنه الآن يطلب الغوث".
وقال جاكوب: "إننا واضحون تماما بشأن موقفنا المعارض لإيمانويل ماكرون وسوف نظل على موقفنا".
من جهتها، ستشارك لوبان في المحادثات بخلاف ميلانشون، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية.
وسيلتقي ماكرون مع كلّ من زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور، وزعيم الحزب الشيوعي فابيان روسل، وكذلك مع أعضاء من تحالف نيوبس اليساري.
ومن شأن عدم التمتع بأغلبية واضحة في الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) أن يصعّب على ماكرون تنفيذ أجندته في فترته الرئاسية الثانية ذات الخمس سنوات.
وطرح ماكرون سلسلة من الخطط تتعلق بتكاليف المعيشة، فضلًا عن إصلاحات كبرى تتعلق بإرجاء سن التقاعد من 62 إلى 65 عاما، وهو ما أفقد ماكرون عددا غير قليل من ناخبيه.
ويسعى الخصوم السياسيون من اليمين واليسار الفرنسي مقاومة البرنامج الإصلاحي للرئيس ماكرون.