لندن: بعد أن تمكن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من تجاوز مذكرة بحجب الثقة عنه قدمها حزبه، مثل الأربعاء أمام البرلمان مبديا تصميما على البقاء في منصبه من أجل "تنمية" بريطانيا رغم الفضائح.
للمرة الأولى منذ نجاته الإثنين من مذكرة حجب الثقة التي أضعفت موقعه، واجه جونسون النواب خلال جلسة المساءلة الأسبوعية فيما بدا أنه نجح في حشد تأييد مناصريه، على الأقل موقتا، في مواجهة هجمات المعارضة العمالية.
دافع بشدة وتعنت عن أداء حكومته في مواجهة زعيم حزب العمال كير ستارمر الذي اتهم الحكومة بشكل متكرر بانها "غير كفؤة" وبانها فاقمت من أزمة هيئة الخدمات الصحية الوطنية التي تواجه نقصا مزمنا في الموظفين ولوائح انتظار طويلة.
وقال جونسون "لدينا أدنى معدل بطالة منذ عام 1974 وسنواصل تنمية اقتصادنا على المدى الطويل"، قبل خطاب منتظر هذا الأسبوع قد يعلن فيه اجراءات جديدة لمواجهة ارتفاع كلفة المعيشة الذي يعاني منه البريطانيون.
وتعهد باستحداث "وظائف ذات رواتب جيدة وتتطلب مهارات عالية" في مختلف أنحاء البلاد مؤكدا "في ما يتعلق بالوظائف، سأواصل عملي".
ومع أن أنظمة الحزب لا تسمح بطرح تصويت على الثقة به لمدة عام، فإن موقع بوريس جونسون تلقى نكسة إزاء حجم التمرد عليه داخل حزبه، وأماه الآن مهمة حساسة تتمثل باستقطاب نواب حزبه والناخبين المستائين من الفضائح والذين يعانون من أعلى معدل تضخم يسجل في البلاد منذ 40 عاما.
وصوت أكثر من 40% من نواب حزبه (148 من أصل 359 صوتوا) على عزله على خلفية فضيحة "بارتي غيت" حول إقامته حفلات في مقر رئاسة الحكومة خلال فترات الحجر بسبب تفشي وباء كوفيد-19.
وقال وزير الصحة ساجد جاويد في تصريح لشبكة "سكاي نيوز"، "لم يحصل أي رئيس وزراء عرفته في الماضي على نسبة ثقة 100 بالمئة من نوابه".
لكن يبدو من الصعب رص صفوف حزب منقسم جدا وهناك احتمال كبير بأن بان يعمد النواب المستاؤون الى عرقلة عمل الحكومة في المستقبل.
وكتب النائب ديفيد ديفيس الذي يعبر منذ عدة أشهر عن عدم رضاه عن رئيس الوزراء، في صحيفة "تايمز" "آمل أن يكون ما يتجنبه جونسون الآن هو اتخاذ سلسلة من الإجراءات الشعبوية المصممة على أمل تعزيز شعبيتنا الفورية".
يتعرض جونسون لضغوط شديدة من المحافظين لاعتماد سياسة اقتصادية أكثر انسجاما مع القيم المحافظة، أي خفض ضرائب مقابل الزيادة المثيرة للجدل في مساهمات الضمان الاجتماعي التي قررتها الحكومة أو الضريبة المعلنة على أرباح عمالقة النفط.
وهو تنازل تبدي الحكومة استعدادها لدرسه بحسب ما قال جاويد مذكرا في الوقت نفسه بوطأة الوباء على المالية العامة.
ورغم أنه تنفس الصعداء لكونه أقنع غالبية من نواب حزب المحافظين، لم ينته بوريس جونسون بعد من تداعيات "بارتي غيت".
فبعد تحقيق الشرطة وكبيرة موظفي الدولة سو غراي يتوقع مباشرة تحقيق برلماني هذه المرة. وفي حال خلص هذا التحقيق على الأرجح في الخريف المقبل، إلى أن بوريس جونسون خدع مجلس العموم عندما أكد أمامه انه لم يخالف الإجراءات والقيود، فعليه تقديم استقالته.
وستشكل انتخابات فرعية تشهدها منطقتان في 23 حزيران/يونيو اختبارا للزعيم المحافظ الذي يستبعد فرضية إجراء انتخابات مبكرة. وموعد الانتخابات مقرر في 2024.
ويذهب النائب المحافظ اندرو بريدجن المنتقد الكبير لبوريس جونسون إلى حد القول إن على رئيس الوزراء "الرحيل الآن" والاستقالة.
وتوقع توبياس إيلوود النائب المحافظ الذي دعا جونسون إلى الاستقالة أيضا ألا يصمد رئيس الوزراء في منصبه "إلا أشهر قليلة".
وتطرح أسماء كثيرة لخلافته. ومن بين هؤلاء خصوصا، وزير المال ريشي سوناك الذي تراجعت شعبيته بسبب ثروته والترتيبيات الضريبية لزوجته الثرية التي ينظر إليها بريبة في ظل أزمة القدرة الشرائية.