طهران: اتهم قائد عسكري إيراني الإثنين "صهاينة" بالوقوف خلف اغتيال العقيد في الحرس الثوري صياد خدائي، بعد أيام من تقارير صحافية أميركية عن ضلوع إسرائيل بالعملية.
وقتل الضابط البالغ من العمر 50 عاما حين أطلق مسلَّحان يستقلان دراجتين ناريتين، النار عليه وهو في سيارته قرب منزله بشرق طهران في 22 أيار/مايو، وفق الاعلام الرسمي. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن إسرائيل، العدو الاقليمي اللدود للجمهورية الإسلامية، أبلغت الولايات المتحدة بأنها تقف خلف الهجوم.
وعلى هامش زيارته عائلة الضابط الراحل الأحد، قال قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي إن صياد خدائي قضى "على يد أشقى الأشقياء، أي الصهاينة، وإن شاء الله سوف نثأر لدماء الشهيد"، وفق ما أورد الموقع الالكتروني الرسمي للحرس "سباه نيوز" الإثنين.
ولم يستخدم سلامي عبارة "النظام الصهيوني" المعتمدة في الخطاب الرسمي للجمهورية الإسلامية للإشارة مباشرة الى إسرائيل التي سبق لإيران أن اتهمتها بالوقوف خلف اعتداءات واغتيالات وقعت على أراضيها.
وكان الحرس حمّل في بيان النعي الذي أصدره بعيد مقتل صياد خدائي، مسؤولية اغتياله لعناصر مرتبطين بـ"الاستكبار العالمي"، وهي العبارة المستخدمة للإشارة للولايات المتحدة، العدو اللدود لإيران، وحلفائها.
وأكد سلامي بعد زيارة عائلة الضابط الراحل، أن "العدو من قلب البيت الابيض وتل أبيب، تعقَّب لأشهر وسنوات الشهيد من بيت الى بيت ومن زقاق الى زقاق حتى تمكن من قتله".
وتابع "العدو يعد استشهاده نصرا وهذا يدل على عظمة الشهيد".
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأسبوع الماضي عن مسؤول استخبارات لم تسمّه، قوله إن إسرائيل أبلغت واشنطن بأنها هي من قامت باغتيال الضابط.
وأضاف المسؤول أنّ تل أبيب أبلغت واشنطن أنّ الاغتيال هدفه تحذير لإيران لوقف عمليات وحدة سرّية ضمن "فيلق القدس" الموكل العمليات الخارجية في الحرس.
وكشف التلفزيون الرسمي الإيراني أن صياد خدائي كان من كوادر فيلق القدس الموكل العمليات الخارجية في الحرس، وهو من مواليد العام 1972 في محافظة أذربيجان الشرقية بشمال غرب إيران.
وأوضح أنه كان "معروفا" في سوريا.
وفي بيان النعي، أكد الحرس الثوري أن صياد خدائي كان من "المدافعين عن المراقد المقدسة (مدافع حرم)"، وهي العبارة المستخدمة للإشارة الى أفراده الذين أدوا مهاما في نزاعي سوريا والعراق.
وتؤكد طهران تواجد عناصر من قواتها المسلحة بصفة استشارية في العراق لمواجهة العناصر "التكفيرية" خصوصا تنظيم الدولة الإسلامية، وفي سوريا لمساندة قوات الرئيس بشار الأسد في النزاع الدائر في بلاده منذ 2011.
وشارك الآلاف في مراسم تشييعه التي أقيمت الثلاثاء الماضي في طهران.
وكان الرئيس إبراهيم رئيسي أكد حتمية الثأر للاغتيال، وهو أبرز استهداف معلن لشخصية إيرانية على أراضي الجمهورية الإسلامية منذ 2020، حين قتل العالِم النووي محسن فخري زاده برصاص استهدف موكبه قرب طهران.
واتهمت إيران حينها اسرائيل مباشرة بالضلوع في العملية.
وقُدم فخري زاده بعد وفاته على أنه نائب وزير الدفاع ورئيس إدارة منظمة الأبحاث والإبداع في الوزارة، وشارك خصوصاً في "الدفاع الذري" للبلاد.
وبعد أيام من اغتيال صياد خدائي، أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية الخميس مقتل مهندس وإصابة آخر جراء "حادث" وقع قبل ذلك بيوم في وحدة أبحاث تابعة لها في منطقة بارشين جنوب شرق طهران، والتي تضم مجمعا عسكريا يشتبه بأنه سبق أن شهد اختبارات تفجير على صلة بالملف النووي.
وتأتي هذه الأحداث في وقت تُبذل جهود دبلوماسية لكسر الجمود الحاصل في مباحثات إحياء الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديا عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب.
وأتاح الاتفاق المبرم عام 2015 رفع عقوبات كانت مفروضة على إيران، في مقابل تقييد برنامجها النووي. الا أن مفاعيله باتت في حكم الملغاة منذ انسحاب واشنطن منه وإعادة فرضها عقوبات قاسية على طهران، ما دفع الأخيرة للتراجع عن التزامات بموجبه.
وسعيا لإعادة تفعيل هذا الاتفاق، بدأت إيران والقوى الكبرى في نيسان/أبريل 2021 مباحثات شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وعلّقت المباحثات رسميا في آذار/مارس، مع تأكيد المعنيين أن التفاهم بات شبه منجز، لكن مع تبقّي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، أبرزها طلب الأخيرة شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات "الإرهابية" الأجنبية.