أعلنت روسيا أنها ستوقف لفترة قصيرة هجومها على مجمع أزوفستال للصلب في مدينة ماريوبول الأوكرانية "لإفساح المجال أمام تنفيذ المزيد من عمليات الإجلاء للمدنيين المحاصرين داخله".
ويحتمي حوالى 200 مدني داخل المجمع إلى جانب آخر من تبقى من الجنود الأوكرانيين. ويقول قائدهم دينيس بروكوبنكو إن معارك دموية تدور رحاها في المكان بعد دخول القوات الروسية إليه.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان وقف الهجوم الروسي لمدة ثلاثة أيام سيصمد أم لا، فقد فشلت العديد من الهدنات السابقة.
وقال الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي، رداً على إعلان روسيا وقف الهجوم على مجمع الصلب، إن أوكرانيا "مستعدة لضمان وقف إطلاق النار" في ماريوبول.
وأضاف: "سيستغرق الأمر وقتاً لإخراج الناس من تلك الأقبية والملاجئ تحت الأرض. ففي الظروف الحالية، لا يمكننا استخدام المعدات الثقيلة لإزالة الحطام. يجب أن يتم كل ذلك يدوياً".
وكان عمال الإغاثة قد قالوا إنهم نجحوا الأربعاء في إجلاء ثلاثمئة شخص من ماريوبول ومناطق أخرى من جنوبي أوكرانيا.
وناشد الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي الأمم المتحدة المساعدة في إنقاذ أرواح من تبقى من الأوكرانيين الجرحى المحاصرين في مجمع أزوفستال.
وفي مكالمة هاتفية، أجراها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مساء الأربعاء، شكر زيلينسكي الأمم المتحدة على عملية الإجلاء الناجحة من المجمع هذا الأسبوع، التي أنقذت أكثر من 100 شخص. لكنه ناشد المنظمة الأممية "المساعدة في إجلاء كافة الجرحى من أزوفستال".
وقال زيلينسكي إن "حياة الأشخاص الذين ظلوا هناك (في المصنع) في خطر".
وصرح يوري ساك، مستشار لوزير الدفاع الأوكراني، لبي بي سي بأن مجمع أزوفستال أصبح "الأولوية رقم واحد" للقيادة السياسية والعسكرية في أوكرانيا.
وقال، في تصريحات لبرنامج "توداي" في راديو 4 ، إن الجهود تنصب على الدفاع عن المجمع الصناعي الضخم وإدارة المزيد من عمليات الإجلاء.
ومجمع أزوفستال هو آخر معقل للمقاومة الأوكرانية في مدينة ماريوبول الساحلية ذات الأهمية الاستراتيجية، والتي أشار ساك إلى أنها أصبحت "لب" الحرب.
وأقر المستشار العسكري الأوكراني بأن الوضع داخل المصنع "صعب للغاية" بالنسبة لجنوده. وقال إن القوات الروسية "شنت الآن هجوماً برياً بعد أن كانت تركز في السابق على القصف الجوي والضربات الصاروخية".
نجاح عملية إجلاء مدنيين من مصنع أزوفستال للصلب في ماريوبول
روسيا تنفي خططها إعلان الحرب رسمياً على أوكرانيا
الكرملين: إرسال أسلحة من الغرب إلى أوكرانيا يهدد أمن أوروبا
لكنه عبر عن تفاؤله بإمكانية توصل الطرفين إلى اتفاق على فتح ممرات إنسانية تفسح المجال لمغادرة المزيد من المدنيين والجنود الجرحى للمصنع خلال الأيام القادمة.
وقال ساك: "نحن متفائلون تماماً. لكن بالطبع لدينا تجارب سيئة مع عدم احترام روسيا لتعهداتها".
واتهمت روسيا في السابق أوكرانيا بنقض الاتفاقيات، الأمر الذي قالت إنه "تسبب في انهيار الممرات الإنسانية في ماريوبول".
وكان قد تم إجلاء المئات من المدنيين المحاصرين داخل ماريوبول في عملية إجلاء مشتركة نفذتها الأمم المتحدة والصليب الأحمر الأربعاء.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هناك عمليات إجلاء إضافية مخطط لها.
وأعربت تاتيانا تروتساك، وهي أوكرانية تم إجلاؤها مع العشرات الذين وصلوا إلى مدينة خاضعة لسيطرة أوكرانيا، عن خوفها على أولئك الذين ما زالوا محاصرين داخل مصنع الصلب.
وقالت إنها تتخوف من "سقوط المزيد من القذائف بالقرب من التحصينات التي يوجد فيها المدنيون".
تحليل
هل هذه هي الأيام الأخيرة في معركة ماريوبول؟
جو انوود
بي بي سي نيوز- لفيف
قد نكون في الأيام الأخيرة من معركة السيطرة على مدينة ماريوبول.
لقد أصبحت المدينة الساحلية المهمة من الناحية الاستراتيجية والواقعة على بحر آزوف رمزاً لمقاومة أوكرانيا للغزو الروسي.
فعلى امتداد أسابيع، تركز آخر موقع للمقاومة في مجمع أزوفستال الهائل للصلب. ويضم المجمع شبكات ممتدة من الأنفاق والتحصينات النووية التي تؤوي المدنيين والمقاتلين.
وبعد أيام من القصف العنيف المتزايد، يبدو أن روسيا قد شنت الآن هجوماً شاملاً. وتدور الآن معارك دموية عنيفة داخل المجمع، بحسب قائد القوات الأوكرانية المتحصنة فيه.
ومن شأن تأمين السيطرة على المدينة أن يمنح القوات الروسية جسراً برياً من الأراضي الخاضعة لسيطرتها في أوكرانيا إلى شبه جزيرة القرم.
لكن الأهم هو أن السيطرة على المدينة ستسمح بتحرير عدد كبير من الجنود الروس الذين احتجزوا في السابق من قبل المدافعين عن ماريوبول.
وقال زيلينسكي الخميس إن مدنيين بينهم نساء وأطفال مازالوا عالقين داخل مدينة ماريوبول المحاصرة وإن هناك حاجة لوقف طويل لإطلاق النار من أجل ضمان إجلائهم مع قيام روسيا بتكثيف هجومها.
دمار هائل
وقد سرعت روسيا من هجماتها في شرقي وجنوبي أوكرانيا بعد فشلها في السيطرة على العاصمة كييف خلال الأسابيع الأولى من الحرب التي أودت بحياة الآلاف، وألحقت دمارا هائلا ببعض المدن.
وقال بافلو كيريلينكو، حاكم منطقة دونيتسك الشرقية، إن 25 مدنياً على الأقل جرحوا عندما قصفت القوات الروسية مدينة كراماتورسك، التي تقع على بعد 180 كيلومتراً إلى الغرب من لوهانسك.
وكانت موسكو قد أعلنت الانتصار في ماريوبول في 21 أبريل/ نيسان بعد أسابيع من حصار المدينة وقصفها. لكن المقاومة الشرسة من جانب القوات الأوكرانية التي تحصنت في مجمع أزوفستال للصلب حالت دون اكتمال اجتياح روسيا للمدينة.
وماريوبول أحد أهداف روسيا الرئيسية لأنها محورية في المسعى الروسي لعزل أوكرانيا عن البحر الأسود، المنفذ الضروري لصادرات الحبوب والصادرات المعدنية، ولربط المناطق الخاضعة لسيطرة روسيا ببعضها.
وفرّ أكثر من خمسة ملايين أوكراني إلى خارج البلاد منذ أن بدأ غزو الجيش الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي.
وتصف روسيا أعمالها في أوكرانيا بـ "العملية العسكرية الخاصة" لنزع سلاح أوكرانيا وحمايتها من الفاشيين. بينما تقول أوكرانيا والغرب إن الإدعاء المتعلق بالفاشية لا أساس له وإن الحرب هي عمل عدائي غير مبرر.
ومع تدفق المساعدات العسكرية الغربية على أوكرانيا، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأربعاء تقريراً جاء فيه أن الولايات المتحدة قدمت أيضاً معلومات استخبارية مهمة ساعدت القوات الأوكرانية على قتل جنرالات في الجيش الروسي.
وقالت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين كبار، إن واشنطن قدمت لأوكرانيا تفاصيل تتعلق بمواقع المقرات العسكرية المتنقلة لروسيا، ما أتاح للقوات الأوكرانية ضرب تلك الأهداف.
وقالت وكالة رويترز للأنباء إن البنتاغون والبيت الأبيض لم يردا على طلبها التعليق على تقرير الصحيفة.
ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين أوكرانيين القول إن القوات الأوكرانية قتلت قرابة 12 جنرالاً روسياً في ساحات المعارك.
وقال الجيش الأوكراني الخميس إن قواته صدت 11 هجوماً روسياً، وأسقط أربع طائرات روسية ودمر أكثر من عشرة مركبات عسكرية روسية، بينها دبابات.
وشملت الضربات الصاروخية الروسية خلال الأيام الأخيرة محطات للقطارات في محاولة لمنع نقل الأسلحة الغربية داخل البلاد.
نقطة تحول
فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عقوبات قاسية على روسيا بسبب الغزو، وقدموا لأوكرانيا معونات بمليارات الدولارات، من بينها أسلحة قالت كييف إنها أدت إلى إيقاع خسائر فادحة في صفوف القوات الروسية.
وفي إطار مراكمة الضغط على الاقتصاد الروسي المتضرر بالفعل والذي يبلغ حجمه 1.8 تريليون دولار، اقترح الاتحاد الأوروبي الأربعاء الاستغناء التدريجي من واردات النفط الخام الروسي في غضون ستة أشهر ومن المنتجات النفطية المكررة بحلول نهاية هذا العام.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين، أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، إن "على بوتين أن يدفع ثمناً، وثمناً باهظاً، لعدوانه الوحشي".
وستحذو هذه الخطة، إذا ما تم الاتفاق عليها من قبل جميع حكومات الاتحاد الأوروبي الـ 27، حذو الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين حظرتا النفط الروسي. وستكون تلك نقطة تحول لأكبر تكتل تجاري في العالم، لا يزال يعتمد على مصادر الطاقة الروسية وعليه أن يجد مصادر بديلة.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر قوله إن مندوبي دول الاتحاد الأوروبي قد يتوصلون إلى اتفاق الخميس أو في وقت لاحق من هذا الأسبوع بشأن مقترح العقوبات الذي يستهدف أيضاً أكبر مصرف وشبكات التلفزة ومئات الأفراد في روسيا.
وقال الكرملين إن روسيا تدرس العديد من الردود على خطة الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أن الإجراءات ستكون مكلفة بالنسبة للمواطنين الأوروبيين.